الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يجري تغييرات واسعة في قيادات الشركات الحكومية الكبرى، على رأسها سوناطراك ومادار وسيال، في إطار خطة لإنعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الشفافية
في خطوة تؤكد دخول الجزائر مرحلة اقتصادية جديدة، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن سلسلة تغييرات في قيادة أهم الشركات الحكومية، في إطار سياسة تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتعزيز الشفافية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
التحرك الأبرز تمثل في تعيين نور الدين داودي رئيسًا جديدًا لشركة سوناطراك، عملاق النفط والغاز الوطني، خلفًا لـرشيد حشيشي. ويُنظر إلى هذه الخطوة كإشارة قوية من تبون إلى رغبته في تسريع عملية التحديث الاقتصادي.
وخلال مراسم تسليم المهام، شدد وزير المحروقات والمناجم محمد عرقاب على “أهمية الانتقال السلس والسريع في إدارة القطاع الأكثر حساسية في البلاد”، مؤكدًا أن سوناطراك تمثل المحرك الأساسي للاقتصاد الجزائري.
ويمتلك داودي أكثر من 30 عامًا من الخبرة في قطاع الطاقة، وسيتولى تنفيذ خطة استراتيجية بقيمة 60 مليار دولار تمتد حتى عام 2029، تشمل توسيع عمليات الاستكشاف والإنتاج، وتنمية الصناعات البتروكيميائية، وتحديث البنية التحتية لتصدير الغاز الطبيعي، الذي يمثل المصدر الرئيسي للعملة الصعبة للبلاد.
في موازاة ذلك، تم تعيين عادل خمان رئيسًا لمجلس إدارة مجموعة مادار الحكومية، خلفًا لـشرف الدين عمارة. وتُعد “مادار” أحد أكبر التكتلات الاقتصادية في الجزائر، وتعمل في مجالات الأغذية والنسيج والصناعات التحويلية. وتشير مصادر داخلية إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار إصلاحات داخلية تهدف إلى تعزيز الحوكمة والكفاءة والربحية، بما يتماشى مع رؤية الدولة في تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية.
أما في قطاع المرافق، فقد تم تعيين محمد رضا بوداب مديرًا عامًا جديدًا لشركة المياه والتطهير بالعاصمة (سيال)، خلفًا لـالياس ميهوبي. ويأتي هذا التعيين ضمن توجه حكومي لإدخال رؤية أكثر استدامة وكفاءة في إدارة الموارد المائية، وضمان جودة الخدمة المقدمة للمواطنين، في ظل التحديات البيئية والمناخية المتزايدة.
التغييرات القيادية الثلاثة تأتي بعد التعديل الحكومي في 15 سبتمبر الماضي، الذي أسفر عن إنشاء وزارتين منفصلتين للطاقة:
• وزارة المحروقات والمناجم برئاسة محمد عرقاب،
• ووزارة الطاقة والطاقات المتجددة برئاسة مراد أوجال، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “سونلغاز”.
ويُعتبر هذا الفصل بين ملفي الطاقة التقليدية والمتجددة سابقة في تاريخ الجزائر، ويهدف إلى تسريع الانتقال الطاقوي وتعزيز مكانة البلاد كمحور استراتيجي للطاقة في المنطقة المغاربية وأوروبا.
وبحسب تحليلات نشرتها صحيفتا TSA Algérie وAlgérie 360، فإن هذه التغييرات تعكس بوضوح رغبة تبون في إعادة هيكلة الحوكمة الاقتصادية وتثبيت مصداقية الجزائر في الساحة الدولية. كما أن اختيار شخصيات ذات خلفية تقنية وخبرة ميدانية يُعد جزءًا من رؤية اقتصادية جديدة تستهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز التعاون مع شركاء استراتيجيين مثل إيطاليا، الصين، ودول الخليج.
وتُكمل هذه التحركات الإصلاحات التشريعية الجارية، وعلى رأسها إلغاء قاعدة 49/51% في عدد من القطاعات، وإنشاء الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات (AAPI)، إلى جانب القانون الجديد للاستثمار، الذي يهدف إلى ضمان الشفافية والاستقرار القانوني للمستثمرين الدوليين.










