أعلنت الحكومة المالية، عبر هيئة الأركان العامة للجيش، عن إغلاق رسمي للحدود مع موريتانيا في خطوة جاءت على خلفية تصاعد الهجمات والتهديدات الإرهابية في مناطق متعددة شمال البلاد.
القرار، الذي يُتوقع أن يكون له تداعيات اقتصادية وأمنية كبيرة، يشير إلى تصاعد حدة المواجهات بين الجيش المالي وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي باتت تسيطر على العديد من المناطق في شمال مالي.
غارات جوية على مواقع الإرهاب
وفي إطار استراتيجيتها الهجومية ضد الجماعات المسلحة، نفذت القوات الجوية المالية سلسلة من الغارات على مواقع يُعتقد أنها تُستخدم من قبل الجماعات الإرهابية كقواعد لوجستية وعملياتية.
وأكد البيان الصادر عن الهيئة العسكرية أن العملية أسفرت عن تدمير عدد من هذه المواقع، وأنها جزء من حملة متواصلة لتحييد هذه الجماعات عبر عمليات استباقية ودقيقة. وأضاف البيان أن الجيش المالي ملتزم بملاحقة هذه الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء البلاد، في إطار سعيه للحد من تهديداتها على الأمن الوطني.
إغلاق الحدود مع موريتانيا وتأثيراته
إغلاق الحدود بين مالي وموريتانيا جاء بعد أسابيع من التصعيد العسكري في منطقة أزواد، شمال مالي، حيث تواجه القوات المالية هجمات متواصلة من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM).
ويبلغ طول الحدود بين البلدين 2337 كيلومترًا، منها 1721 كيلومترًا مع منطقة أزواد. هذه المنطقة تشهد حصارًا من قبل الجماعة المسلحة على عدد من المدن الرئيسية مثل ليري وتمبكتو، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.
محللون يرون أن إغلاق الحدود سيزيد من عزل العاصمة باماكو عن شمال البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية.
الخط التجاري الذي يعبر عبر موريتانيا يعد شريانًا حيويًا لمالي، حيث يُستورد عبره جزء كبير من المواد الغذائية والبضائع الأساسية. وحذر الخبراء من أن هذا الإغلاق سيؤدي إلى تعطل حركة الشاحنات التجارية القادمة من موريتانيا، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وندرتها في الأسواق المالية.
تداعيات اقتصادية وإنسانية
في الوقت الذي تكافح فيه مالي لتسوية الأوضاع الأمنية، يشير مراقبون إلى أن إغلاق الحدود قد يعمق الأزمة الاقتصادية، خاصة مع انقطاع الواردات من المغرب عبر موريتانيا. سيؤثر ذلك بشكل كبير على حركة البضائع والسلع الأساسية، مما يزيد من معاناة المواطنين في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
هذا القرار يأتي في وقت حساس بعد توتر العلاقات بين باماكو وعدد من جيرانها، بما في ذلك انسحاب القوات الفرنسية من مالي، في الوقت الذي باتت الحكومة المالية تعتمد بشكل متزايد على الدعم الروسي، خاصة من خلال مجموعة “فاجنر” التي تقدم مساعدة عسكرية وأمنية.
آراء مراقبين
مراقبون أشاروا إلى أن إغلاق الحدود مع موريتانيا قد يكون بداية لعزلة خانقة للبلاد، حيث أن الجماعات المسلحة تتزايد قوتها في مناطق واسعة من الشمال إلى الغرب، مما يعزز سلطتها الفعلية على العديد من المناطق التي تفتقر إلى وجود الدولة.
كما أن هذا الإغلاق قد يعمق التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها الحكومة المالية التي يقودها المجلس العسكري برئاسة العقيد أسيمي غويتا.
وفي تصريحات غير رسمية، نقل موقع “Mali Actu” عن مصدر أمني في باماكو أن القرار يُعتبر “إجراءً مؤقتًا” يهدف إلى ضبط الحدود ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعميق الأزمة في منطقة الساحل، حيث تزداد الضغوط على الحكومة المالية من جميع الجوانب.










