تزايدت التقارير عن ارتكاب مجازر جماعية في مدينة الفاشر بإقليم دارفور الغربي، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة نهاية الأسبوع الماضي، وسط مخاوف من تطهير عرقي وطرد المدنيين غير العرب
مقاطع فيديو صادمة تكشف الإعدامات الميدانية
أظهرت مقاطع فيديو نُشرت من ناشطين محليين مقاتلين معروفين بتنفيذ إعدامات للمدنيين في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وهم يطلقون النار على مجموعة من المدنيين العزل يجلسون على الأرض عن قرب.
كما تداول ناشطون مؤيدون للديمقراطية لقطات يُزعم أنها تظهر عشرات الأشخاص جثثًا على الأرض إلى جانب مركبات محترقة، ولم يتم التحقق من صحة هذه اللقطات بعد.
وقالت القوات المشتركة – المتحالفة مع الجيش السوداني – في بيان الثلاثاء إن قوات الدعم السريع أعدمت أكثر من 2000 مدني أعزل خلال الأيام الأخيرة. ولم يتسنَّ التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، إلا أن مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، الذي يراقب الحرب في السودان باستخدام المعلومات مفتوحة المصدر وصور الأقمار الصناعية، أكد وجود أدلة تتوافق مع الادعاءات حول المجازر الجماعية.
وأوضح المختبر أن المدينة “تبدو في عملية ممنهجة ومتعمدة لتطهير عرقي ضد مجتمعات الفور والزاگاوة والبِرتي غير العربية عبر التهجير القسري والإعدام الميداني”، بما في ذلك ما وصفه بـ”عمليات تفتيش بابًا بباب” في أرجاء المدينة.
من جانبها، قالت قوات الدعم السريع يوم الأحد إنها سيطرت على القاعدة الرئيسية للجيش في المدينة، مؤكدة أنها “وسعت سيطرتها على الفاشر من قبضة المرتزقة والميليشيات”. فيما أعلن رئيس الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، يوم الاثنين، انسحاب قواته من الفاشر إلى “مواقع أكثر أمانًا”، معترفا بخسارة المدينة.
وتدخلت قوات الدعم السريع في حرب أهلية دامية مع الجيش منذ أبريل 2023 بعد صراع على السلطة بين الطرفين، أسفر عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص ونزوح أكثر من 14 مليون آخرين.

وتزايدت المخاوف خلال الأسابيع الماضية بشأن سلامة عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في المدينة على مدى 18 شهرًا. وقال فولكر تورك، رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إن هناك “خطرًا متناميًا لارتكاب انتهاكات ومجازر ذات دوافع عرقية” في الفاشر، مشيرًا إلى تلقي مكتبه “تقارير مثيرة للقلق تفيد بأن قوات الدعم السريع ترتكب انتهاكات تشمل الإعدامات الميدانية”.
كما أشارت تقارير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تنفيذ “إعدامات ميدانية للمدنيين الذين يحاولون الفرار، مع مؤشرات على دوافع عرقية للقتل”، مضيفة أن مقاطع الفيديو تظهر “عشرات الرجال العزل يُطلق عليهم النار أو جثثهم على الأرض، محاطين بمقاتلي قوات الدعم السريع الذين يتهمونهم بأنهم عناصر من الجيش السوداني”.
وقال شاينا لويس، مختصة بالشؤون السودانية لدى منظمة Preventing and Ending Mass Atrocities، إن قوات الدعم السريع “ارتكبت مجازر بحق المدنيين”، مضيفة أن سكان الفاشر الذين غادروا المدينة سابقًا “بدأوا يكتشفون وفاة أحبائهم من خلال مقاطع فيديو الإعدامات المتداولة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وتثير السيطرة على الفاشر – آخر مدينة كبرى في دارفور كانت تحت سيطرة الجيش – قلقًا بالغًا من إمكانية تكرار مذبحة جنيينا عام 2023، والتي أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 15 ألف مدني، أغلبهم من المجموعات غير العربية. وأكدت الأمم المتحدة أن أكثر من مليون شخص غادروا الفاشر منذ بداية الحرب، فيما لا يزال نحو 260 ألف مدني، نصفهم أطفال، محاصرين بلا مساعدات، واضطر العديد منهم إلى تناول أعلاف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة.

وأضافت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون الهجرة أن أكثر من 26 ألف شخص فروا من القتال منذ يوم الأحد، إما إلى ضواحي المدينة أو إلى مدينة توِيلا غربًا على بعد 45 ميلًا. وفي توِيلا، قالت فرق منظمة أطباء بلا حدود إنها تواجه تدفقًا هائلًا للجرحى القادمين من الفاشر إلى المستشفى، حيث تم استقبال 130 شخصًا منذ مساء الأحد، بينهم 15 في حالة حرجة.
وقال أرجان هينهامب، المسؤول عن أزمة دارفور في لجنة الإنقاذ الدولية، إن المدينة “على وشك الانهيار. وبدون توسيع كبير للمساعدات الإنسانية، ستزداد المعاناة بشكل أكبر”.
ومع سيطرة قوات الدعم السريع على جميع عواصم الولايات الخمس في دارفور، أصبحت قوات الدعم السريع تتحكم في كامل الإقليم، في حين أصبح الجيش مستبعدًا من ثلث الأراضي السودانية، وهو ما يثير مخاوف من احتمال انقسام البلاد مستقبلًا.










