سقوط الفاشر ومخاوف التدخل المصري، أثار سقوط مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، في يد قوات الدعم السريع يوم 27 أكتوبر 2025، مخاوف إقليمية حول تدخل الجيش المصري لدعم الجيش السوداني وحماية الحدود المشتركة، وسط تهديدات متبادلة بين الطرفين.
يُعتبر هذا التطور نقطة تحول في الحرب السودانية المستمرة منذ أبريل 2023، حيث يسيطر الدعم السريع الآن على نحو نصف مساحة السودان، مما يعزز من احتمال تصعيد التوترات مع مصر التي تدعم القوات المسلحة السودانية سياسيًا وعسكريًا.
في هذا التقرير، نستعرض سيناريوهات محتملة لتدخل الجيش المصري بناءً على التحليلات الإقليمية والتهديدات الأخيرة.
خلفية الصراع والموقف المصري
شهدت الحرب في السودان تصعيدًا دراماتيكيًا مع سيطرة الدعم السريع على الفاشر بعد حصار دام أكثر من خمسة أشهر، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف ومخاوف من أعمال انتقامية ضد المدنيين.
أعربت مصر عن قلقها الشديد من هذا التطور، معتبرة إياه تهديدًا لأمنها القومي بسبب الحدود الطويلة مع السودان (أكثر من 1200 كم) وقرب المناطق المتوترة من أسوان ووادي حلفا.
كما هدد محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد الدعم السريع، باستهداف مطارات مصرية إذا استخدمت لدعم الجيش السوداني، مما دفع القاهرة إلى استنفار قواتها الجوية وتعزيز الدفاعات الحدودية.
السيناريو الأول: التدخل الدبلوماسي واللوجستي المحدودفي هذا السيناريو الأكثر احتمالية، يقتصر دور الجيش المصري على تقديم دعم لوجستي واستخباراتي للقوات السودانية دون نشر قوات برية، مستفيدًا من اتفاقيات الدفاع المشترك بين البلدين.
يشمل ذلك تزويد الجيش السوداني بمعدات عسكرية وطائرات مسيّرة لمواجهة هجمات الدعم السريع، مع الضغط الدبلوماسي عبر الجامعة العربية والأمم المتحدة لفرض عقوبات على حميدتي.
هذا النهج يحافظ على مصالح مصر في استقرار السودان دون مخاطر تصعيد إقليمي، خاصة مع مخاوف من تدفق اللاجئين عبر الحدود.
السيناريو الثاني: التدخل العسكري المباشر الدفاعي
إذا هاجمت قوات الدعم السريع أهدافًا مصرية، مثل مطار شرق العوينات، قد يرد الجيش المصري بضربات جوية محدودة على قواعد الدعم السريع في دارفور أو كردفان لردع التهديدات.
يعتمد هذا السيناريو على قدرات الطيران المصري المتقدمة، بما في ذلك طائرات رافال وميج-29، لاستهداف منصات إطلاق المسيّرات والقوافل اللوجستية للدعم السريع.
ومع ذلك، يحذر المحللون من أن مثل هذا التدخل قد يؤدي إلى حرب إقليمية تشمل إريتريا وتشاد، مما يعقد الوضع الإنساني في السودان حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة.
السيناريو الثالث: التدخل الشامل والحفاظ على الوحدة السودانية
في أسوأ الحالات، إذا أدى سقوط الفاشر إلى تقسيم السودان، قد ينشر الجيش المصري قواتًا برية مشتركة مع الجيش السوداني لاستعادة السيطرة على المناطق الاستراتيجية مثل كردفان، التي تشكل 35% من الموارد الاقتصادية السودانية.
يدعم هذا السيناريو مخاوف مصر من سيطرة الدعم السريع على طرق التجارة والمياه، بالإضافة إلى تهديد سد النهضة إذا امتد الصراع.
ومع ذلك، يُرجح الخبراء أن القاهرة ستتجنب هذا الخيار بسبب التكاليف الباهظة والضغوط الدولية، مفضلةً حلولاً سلمية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي
التأثيرات الإقليمية والدولية
يزيد تقدم الدعم السريع من مخاوف التقسيم، حيث يسيطر الآن على دارفور وأجزاء من كردفان، مما يهدد الاستقرار في القرن الأفريقي ويجذب تدخلات من الإمارات والسعودية.
أدى سقوط الفاشر إلى مقتل نحو 150 ألف شخص وتشريد 15 مليون، مما يضغط على مصر للعب دور إنساني إضافي عبر تقديم المساعدات.
كما أن التهديدات بحرب المسيّرات تعيد تشكيل قواعد الاشتباك الإقليمي، مع اتهامات للدعم السريع بتمويل مرتزقة أجانب.
تحديات تهدد السودان
يواجه أي تدخل مصري تحديات قانونية ودبلوماسية، حيث يُعتبر الهجوم على مطار مدني عدوانًا مباشرًا يبرر الرد القانوني.
يُنصح بتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة والأوروبيين لفرض هدنة، مع التركيز على حماية المدنيين في الفاشر حيث يبقى 250 ألف شخص تحت التهديد.
في النهاية، يظل مستقبل السودان مرهونًا بجهود السلام، لكن سقوط الفاشر يجعل التدخل المصري سيناريو واقعيًا للحفاظ على التوازن الإقليمي.










