اتهامات دولية تطال ناديي أتلتيكو مدريد وإنتر ميلان بالمشاركة في “غسيل سمعة” خليفة حفتر بعد خوضهما مباراة ودية في بنغازي، بتمويل من جهات مقربة من قائد الجيش الليبي. منظمات حقوقية تحذر من تبييض الانتهاكات عبر الرياضة، وصمت الأندية الأوروبية يثير الجدل
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش ناديي أتلتيكو مدريد الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي بالمشاركة في ما وصفته بـ”عملية تبييض للانتهاكات”، بعد خوضهما مباراة ودّية في مدينة بنغازي الليبية، موّلتها جهات مرتبطة بالقائد العسكري خليفة حفتر المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقالت المنظمة الحقوقية، في بيان صدر اليوم، إن المباراة التي جرت في 10 أكتوبر الجاري تحت شعار “كأس إعادة الإعمار”، كانت أداة دعائية لتلميع صورة حفتر ونظامه العسكري، أكثر منها حدثًا رياضيًا.
وأوضحت أن تمويل المباراة جاء من صندوق استثماري يترأسه نجل حفتر، صدام حفتر، فيما حصل كل نادٍ مشارك على نحو 3 ملايين يورو مقابل الظهور في الحدث.
تلميع سياسي تحت غطاء رياضي
وبحسب هيومن رايتس ووتش، فقد استُخدمت هذه المباراة للتغطية على سجل حافل بالانتهاكات التي ارتكبتها قوات حفتر منذ عام 2014، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والإخفاء القسري، وتهجير المدنيين.
وأكد التقرير أن السلطات في الشرق الليبي استغلت الحدث الرياضي لتوجيه رسالة زائفة للعالم مفادها أن المنطقة تعيش حالة من الاستقرار والانفتاح، في حين لا تزال تعاني من انقسامات وصراعات داخلية حادة.
صمت الأندية الأوروبية يثير الغضب
المنظمة أشارت إلى أنها خاطبت الناديين رسميًا لمعرفة ما إذا كانا على دراية بخلفية الجهة المنظمة وتمويل الحدث، لكن لم يصدر عنهما أي رد حتى الآن.
ووصفت المنظمة مشاركة الأندية الأوروبية في مثل هذه الفعاليات بأنها “تورط غير مباشر في تبييض جرائم الحرب عبر الرياضة”.
خلفيات سياسية واقتصادية
الحدث الذي أُقيم في ملعب “28 مايو” ببنغازي، جاء بعد حملة إعلامية ضخمة قادتها جهات موالية لحفتر تحت شعار “ليبيا تنهض من جديد”.
إلا أن ناشطين محليين اعتبروا المباراة استفزازًا للشعب الليبي، في وقت يعاني فيه المواطنون من انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات العامة، متسائلين عن جدوى إنفاق ملايين الدولارات على مباراة دعائية.
بين الرياضة والسلطة
القضية أعادت إلى الواجهة النقاش حول ما يُعرف بـ“غسيل السمعة عبر الرياضة” (Sportswashing)، أي استخدام البطولات والفعاليات الرياضية لتلميع صورة أنظمة متهمة بالقمع أو الفساد.
ويرى مراقبون أن ما حدث في بنغازي ليس استثناءً، بل يندرج ضمن اتجاه متصاعد في المنطقة العربية لاستخدام كرة القدم كأداة سياسية لتجميل الواقع، تمامًا كما حدث في مناسبات رياضية مماثلة في بعض دول الخليج.
بينما يحتفل حفتر بصورة المصافحة مع نجوم أوروبا، يبقى آلاف الليبيين في المعتقلات أو تحت أنقاض الحرب.
وهكذا، تحوّلت كرة القدم — التي كان يُفترض أن توحّد الناس — إلى أداة في لعبة النفوذ السياسي والمال، في بلدٍ لم يتعافَ بعد من انقساماته وحروبه.










