وجه السياسي الإيراني البارز مهدي كروبي، أحد زعماء الحركة الخضراء المعارضة، انتقادات حادة للمرشد الأعلى علي خامنئي، داعيا إلى إنهاء ما وصفه بـ“الضغائن الصبيانية والعناد السياسي”، وإلى الإفراج الفوري عن مير حسين موسوي وزوجته زهراء رهنورد، اللذين ما زالا قيد الإقامة الجبرية منذ أكثر من 15 عاما بسبب اعتراضهما على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009.
وقال كروبي، في تصريحات نقلتها وكالة «سهام نيوز» خلال لقائه أبناء موسوي ورهنورد يوم الخميس، إن خامنئي لم يكتف بعدم التسامح مع تصويت الشعب في انتخابات 2009، بل “دعم التزوير والقمع العنيف”، واتهم المعارضين بـ”الفتنة وفقدان البصيرة وعدم الكفاءة”.
انتقاد لنهج أحمدي نجاد والقيادة العسكرية
وتطرق كروبي إلى فترة حكم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، الذي أعلن فوزه في تلك الانتخابات المثيرة للجدل، قائلا:”لقد دمر ذلك النهج الاقتصاد والثقافة والأمن والأخلاق، وما نشهده اليوم هو نتيجة نفس الطريق الخاطئ الذي سارت عليه الجمهورية الإسلامية منذ ذلك الحين”.
كما حذر من تزايد نفوذ القوات العسكرية في السياسة والاقتصاد الإيراني، قائلا:”كنت أعلم أنه مع دخول الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى دائرة السلطة، فإن اقتصاد البلاد وثورتها ستصل إلى ما وصلت إليه الآن. المؤسسات الرقابية فقدت فاعليتها، والفساد أصبح مستشريا في كل مكان”.
وأشار كروبي إلى التدهور الاقتصادي المستمر قائلا:”حين وضعنا تحت الإقامة الجبرية، كان الدولار يساوي 900 تومان، واليوم أصبح أكثر من 108 آلاف تومان. إن لم يصحح هذا المسار، فالله أعلم إلى أين سنصل”.
انتقادات لمواقف طهران تجاه موسكو
وفي لهجة لافتة، انتقد كروبي أيضا التحالف المفرط بين طهران وموسكو، قائلا بسخرية:”بعض العسكريين في البرلمان يمزقون أعناقهم من أجل بوتين بطريقة غير محتملة، ولو كان حزب توده في السلطة لكانوا أكثر ولاء للروس منهم”.
تأتي تصريحاته وسط تصاعد الجدل داخل إيران حول العلاقة مع روسيا، خصوصا بعد تبادل الاتهامات بين وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف ونظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن آلية “الزناد” التي أعادت فرض العقوبات الأممية على طهران.
وفي وقت سابق، اتهم ظريف موسكو بمحاولة منع إيران من الانفتاح على الغرب، معتبرا أن “العلاقات الطبيعية لإيران مع العالم تمثل خطا أحمر بالنسبة للروس”، فيما رد لافروف قائلا إن “فشل الاتفاق النووي سببه الأداء الإيراني نفسه”.
دعوة إلى مراجعة شاملة
تصريحات كروبي أعادت إلى الواجهة مطالب الحركة الخضراء القديمة بالإصلاح السياسي والإفراج عن المعتقلين السياسيين، بعد أن أكد أن “الاستمرار في القمع والتبرير لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي”.
وأشار مراقبون إلى أن خطاب كروبي الأخير يمثل أجرأ هجوم سياسي على خامنئي منذ سنوات، خاصة أنه تزامن مع تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الوضع المعيشي، وازدياد نفوذ الحرس الثوري في الاقتصاد والسياسة.
وتقول تقارير إعلامية إن القوات التابعة للحرس الثوري، ومن ضمنها شركة “بارس للطاقة”، تواصل السيطرة على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك تجارة النفط غير الرسمية، رغم العقوبات الدولية.
وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع العملة الإيرانية، يرى محللون أن تصريحات كروبي تمثل تحذيرا داخليا للنظام من أن استمرار سياسات العناد والقمع قد يدفع البلاد نحو أزمة غير مسبوقة.










