بفضل رؤيتها الاستراتيجية وجرأتها الاستثمارية، أصبحت ميشيل كانغ واحدة من أبرز الشخصيات المؤثرة في كرة القدم النسائية على مستوى العالم.
هذه المليارديرة الكورية الأمريكية، التي انتقلت من عالم تكنولوجيا الرعاية الصحية إلى ملاعب كرة القدم، نجحت في أن تثبت أن الاستثمار في الرياضة النسائية “ليس مجرد عمل تجاري، بل عمل تجاري جيد”.
من التكنولوجيا إلى الملاعب
في عام 2008، أسست كانغ شركة “كوجنوسانتي” المتخصصة في تكنولوجيا الصحة، والتي تحولت إلى قصة نجاح ضخمة في الولايات المتحدة قبل أن تبيعها عام 2024.
بعد مسيرة طويلة في ريادة الأعمال والاستشارات، قررت في عام 2020 خوض مغامرتها الأولى في الرياضة بشراء حصة أقلية في فريق واشنطن سبيريت من دوري كرة القدم النسائي الأمريكي (NWSL).
ما بدا في البداية خطوة رمزية لدعم الرياضة النسائية، تحول سريعا إلى مشروع عالمي أحدث ثورة في طريقة إدارة وتمويل كرة القدم النسائية.
التحول الكبير: شراء واشنطن سبيريت
في عام 2022، كان فريق واشنطن سبيريت يمر بأزمة حادة بسبب فضائح إدارية واتهامات بسوء المعاملة. تقدمت كانغ بعرض لشراء النادي بالكامل من المالك ستيف بالدوين، الذي رفض في البداية.
لكن ضغط اللاعبين والجماهير دفعه في النهاية إلى بيع حصته مقابل 30 مليون يورو، وهو رقم قياسي في حينه، إذ لم تتجاوز قيمة أي ناد نسائي آخر 5 ملايين يورو.
قالت كانغ حينها في مقابلة مع فوربس:
“إذا لم نكن نحن من يرى القيمة في كرة القدم النسائية، فمن سيفعل؟”
اليوم، تبلغ قيمة النادي أكثر من 110 ملايين يورو – أي أكثر من ثلاثة أضعاف خلال ثلاث سنوات فقط.
نحو إمبراطورية نسائية عالمية
لم تتوقف كانغ عند حدود الولايات المتحدة. ففي مايو 2023، استحوذت على 53٪ من أسهم نادي أولمبيك ليون للسيدات، أحد أنجح الأندية النسائية في أوروبا (8 ألقاب لدوري أبطال أوروبا). ثم في نهاية العام نفسه، اشترت فريق لندن سيتي ليونيس الإنجليزي، الذي صعد في 2024 إلى دوري السوبر للسيدات.
وفي 2024، أسست مجموعة “كينيسكا سبورتس إنترناشونال” (Kyniska Sports International)، لتصبح أول مجموعة ملكية متعددة تدير أندية نسائية فقط – نموذج فريد في عالم يهيمن عليه الاستثمار في أندية الرجال.
رؤية مختلفة: كرة القدم النسائية كمنظومة اقتصادية
ترى ميشيل كانغ أن دمج الأندية النسائية ضمن مجموعة واحدة يتيح مشاركة الموارد، وتبادل الخبرات، وجذب الرعاة، مما يسرع نمو اللعبة ويقلل المخاطر الاستثمارية.
وتقول إن نموذج “الملكية المتعددة” في الرياضة – المعروف من مجموعات مثل “سيتي فوتبول غروب” – يمكن أن يكون أداة قوية لتطوير كرة القدم النسائية، وليس فقط وسيلة للربح.
إعادة تعريف الهوية النسائية في الرياضة
بعد استحواذها على أولمبيك ليون للسيدات، قادت كانغ حملة لإعادة صياغة هوية الفريق.
تم تغيير اسم النادي إلى OL Lyonnes، في خطوة تهدف إلى إزالة الفصل اللفظي بين “الرجال” و”النساء”، كما أعيد تصميم الشعار والهوية البصرية بالكامل لتكون مستقلة عن فريق الرجال.
كانغ قالت في مؤتمر صحفي بباريس:
“لا أريد أن تكون الفرق النسائية تابعة لفرق الرجال. أريدها أن تكون فخورة بذاتها.”
نتائج ملموسة وأرقام قياسية
واشنطن سبيريت: تضاعفت قيمته ثلاث مرات منذ 2022.
أولمبيك ليون ليونس: واصل سيطرته على الدوري الفرنسي، وفاز بآخر أربع بطولات متتالية.
لندن سيتي ليونيس: صعد إلى دوري السوبر الإنجليزي للسيدات في موسم 2024–2025.
في الوقت ذاته، تجاوزت ثروة كانغ الشخصية مليار يورو وفق تقديرات فوربس لعام 2025.
امرأة غيرت قواعد اللعبة
ميشيل كانغ، البالغة من العمر 66 عاما، لم تغير فقط مسار كرة القدم النسائية، بل أعادت تعريف علاقة الاستثمار بالهوية والمساواة في الرياضة.
فهي ترى أن دعم الرياضة النسائية ليس صدقة، بل فرصة اقتصادية مستدامة.
وفي عالم لا تزال فيه النساء يقاتلن من أجل الاعتراف والمساواة في الأجور والرعاية، أصبحت كانغ رمزا لتحول غير مسبوق في الرياضة العالمية.










