إيطاليا والجزائر تطلقان شراكة اقتصادية وصناعية جديدة في تورينو تتجاوز قطاع الغاز لتشمل الصناعة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، بمشاركة أكثر من 70 شركة جزائرية في منتدى Connext 2025
تتطلع الجزائر إلى ما هو أبعد من قطاع الطاقة، وتسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع إيطاليا. فقد شاركت أكثر من سبعين شركة جزائرية في منتدى Connext Export Forum – Torino Business Matching 2025، حيث ناقشت المؤسسات والجهات الاقتصادية من البلدين فرصًا جديدة للشراكة الصناعية والتكنولوجية والتصنيعية، بهدف توسيع العلاقات الثنائية وتنويعها لتشمل مجالات تتجاوز تجارة الغاز.
أمس كان اليوم المخصص للجزائر، الذي حمل عنوان “Connext Business Bridge Italia–Algeria”، نظّمته كونفيندوستريا بيدمونت واتحاد الصناعيين في تورينو، بالتعاون مع السفارة الجزائرية في روما. ويهدف هذا الحدث إلى ترسيخ مكانة الجزائر كشريك استراتيجي لإيطاليا من خلال توسيع مجالات التعاون لتشمل الصناعة، البنية التحتية، الميكانيكا، الزراعة الغذائية، واللوجستيات.
مشاركة مؤسسات جزائرية كبرى
بحسب السفارة الجزائرية، ضمت الوفود الرسمية المشاركة كلًا من صندوق الاستثمار الوطني (FNI) والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات (AAPI)، حيث عرض ممثلوها على المستثمرين الإيطاليين المزايا الضريبية والحوافز التي يقدمها الإطار القانوني الجديد الخاص بالاستثمارات الأجنبية.
وتناولت الجلسات قضايا أساسية مثل آليات الحصول على الأراضي الصناعية والزراعية، وتمويل المشاريع المشتركة، وفرص إقامة شركات مشتركة (Joint Ventures) لتطوير مراكز إنتاج صناعية جديدة.
السفير الجزائري: تورينو نقطة انطلاق للتعاون الصناعي
قال السفير الجزائري في إيطاليا محمد خليفى
“تورينو هي العاصمة الاقتصادية والصناعية لإيطاليا، وبالتالي فهي تمثل نقطة مرجعية مثالية لخلق روابط بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين وتعزيز التعاون الصناعي والاقتصادي، لا سيما في مجال التصنيع”.
وأضاف خليفى أن العلاقات بين البلدين “استراتيجية وتاريخية، تقوم على تعاون سياسي ودبلوماسي متين”، مشيرًا إلى أن دور الدبلوماسيين ورجال الأعمال هو اغتنام هذه الفرص وتعزيز العلاقات الاقتصادية والصناعية بين الجزائر وإيطاليا.
وأوضح السفير أن الأولويات بالنسبة للجزائر تشمل مجالات الطاقة، وصناعة السيارات، والخدمات، مع التركيز على تعزيز الشراكات بين الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأضاف:
“نرغب في تطوير اتصالات جديدة في القطاع الصناعي، خاصة في مجال السيارات، لنقل الخبرات وتحسين إنتاج المركبات في الجزائر. وفي الوقت نفسه نهدف إلى تجديد وتوسيع التعاون في مجال الطاقة، وخصوصًا الطاقات المتجددة، وتقوية علاقاتنا في قطاع الخدمات”.
الصناعة الإيطالية: الجزائر سوق المستقبل
من جانبها، أكدت جورجيا غارولا، نائبة رئيس اتحاد الصناعيين في تورينو والمسؤولة عن ملف التدويل، أن الهدف هو “توسيع الصادرات إلى الجزائر، الدولة التي تملك آفاق نمو كبيرة خلال العشرين عامًا المقبلة”.
وقالت غارولا:
“نهدف إلى بناء جسر مستقر بين شركاتنا وشركاتهم في قطاعات رئيسية مثل الطاقة، والتنقل، والفضاء، مع تركيز قوي على الاستدامة. نحن نعمل لتوفير فرص جديدة للشركات الإيطالية الصغيرة ضمن سلسلة التوريد الخاصة بمجموعة Stellantis في الجزائر”.
وأضافت أن المنتدى يمثل “خطوة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي والصناعي بين إيطاليا والجزائر”.
أما جورجيو جاي، رئيس اتحاد الصناعيين في تورينو، فأكد أن منتدى Connext Export Forum يشكل “فرصة مهمة لتعزيز وتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بحيث تجد قطاعات مثل الميكانيكا، الميكاترونيات، والصناعات الزراعية الغذائية ديناميكية جديدة ورؤية مشتركة للتنمية”.
وأضاف جاي أن “المحور مع الجزائر استراتيجي بالنسبة لإيطاليا”، مشددًا على ضرورة تنويع مصادر الطاقة، بما فيها النووية، والبحث عن شركاء موثوقين لتطوير الصناعة.
لقاءات عمل مباشرة وشراكات ناشئة
شهد المنتدى لقاءات B2B بين عشرات الشركات الإيطالية والجزائرية. من بين المشاركين شركات Serport Company العاملة في اللوجستيات المينائية، وSarl Castenproc المتخصصة في البتروكيماويات، إضافة إلى الشركة الناشئة Prochecker وحاضنة الابتكار Createna، التي تضم عشرين شركة ناشئة تعمل في مجالات الزراعة الذكية (agritech)، التقنية المالية (fintech) والتأمين التكنولوجي (insurtech).
وفقًا للبيانات المقدمة في المنتدى، سجل التبادل التجاري بين إقليم بيدمونت والجزائر في عام 2024 انخفاضًا بنسبة 12% في الصادرات و30% في الواردات، ليصل إلى 167.4 مليون يورو للصادرات و4.52 مليون يورو للواردات.
ومع ذلك، ما تزال بعض القطاعات تشهد نموًا ملحوظًا، مثل الآلات والمعدات (+7.5%) والمنتجات الكيميائية (+34.9%)، فضلًا عن تطور قطاعات المطاط والبلاستيك والصناعات الدوائية.
نظرة استراتيجية للمستقبل
وقال رئيس اتحاد الصناعيين جاي إن “تسهيل النمو وتوسيع فرص التعاون الصناعي بين شركاتنا والشركاء الأجانب جزء أساسي من أهدافنا”.
وأضاف أن “في سياق جيوسياسي متقلب كهذا، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب استراتيجية طويلة المدى تدعم الطابع الدولي لنسيجنا الصناعي”.
بهذه المبادرة، تسعى الجزائر إلى تأكيد نفسها كشريك متوسطي استراتيجي لإيطاليا، فيما تراهن تورينو على تحويل التعاون الاقتصادي إلى منصةٍ مشتركة للابتكار والإنتاج المستدام، تتجاوز المعادلة التقليدية للطاقة لتؤسس لشراكة حقيقية بين ضفتي المتوسط.










