السودان يعلن حالة التأهب القصوى بعد المجازر التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر وبارة، ونزوح آلاف المدنيين وسط تحذيرات من أزمة إنسانية كبرى.
تعرف على آخر التطورات والتحركات الدولية
أعلن رئيس وزراء السودان، كمال إدريس، حالة التأهب القصوى في جميع المؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، ردًا على المجازر والانتهاكات المروعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع (RSF) في مدينتي الفاشر وبارة. جاء ذلك في خطاب متلفز وجهه إدريس للشعب السوداني، دعا فيه إلى «وقف التطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم القتل والتعذيب»، محذرًا من أن هذه الأعمال تشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة المدنيين ومستقبل المنطقة بأسرها.
وأوضحت الحكومة أن الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع يوم الأحد 26 أكتوبر على الفاشر، عاصمة دارفور الشمالي، تضمن قتل حوالي ألفي مدني وتنفيذ عمليات إعدام للعديد من المعتقلين، بما في ذلك 460 حالة وفاة داخل مستشفى الأطفال السعودي. وقد اعتبرت الحكومة هذه الأعمال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتجاوز القدرة على الوصف والتحمل.
في المقابل، اعترف قائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو، بحدوث «انتهاكات» خلال السيطرة على الفاشر، معلنًا تشكيل لجان تحقيق عسكرية وقضائية، ومؤكدًا أن أي محاكمات ستكون «علنية وفورية». كما أمر بسحب القوات من الأحياء السكنية وتسليم مسؤولية الأمن الداخلي إلى الشرطة الفدرالية، مع استمرار مهام الجيش خارج المدينة، وإزالة الألغام والعبوات الناسفة لضمان عودة الأمن والاستقرار.
إلا أن هذه الإجراءات العسكرية والسياسية لم توقف موجة النزوح القسري من المناطق المتضررة، حيث أفادت شبكة الأطباء السودانيين بأن أكثر من 4,500 شخص اضطروا للهرب من بارة إلى مدينة الأبيض، وسط نقص حاد في الغذاء والماء والمسكن، وحالات عديدة من سوء التغذية والإسهال، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن. وحذرت الشبكة من أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى تفاقم كارثة إنسانية جديدة إذا لم تتدخل المنظمات الإنسانية فورًا.
وعلى الصعيد الدولي، دعا إدريس مجلس الأمن الدولي والدول والمنظمات الإقليمية لتحمل مسؤولياتها ووقف «العبث المأساوي» الذي يهدد حياة الملايين، مؤكدًا أن السودان لا يمكن أن يكون «ساحة لتصفية الحسابات». لكن الواقع يشير إلى تعقيد المشهد السياسي: فحتى مع وعود دقلو بإصلاح الجيش وإقامة دولة مدنية، يبقى السؤال حول جدية المجتمع الدولي في مواجهة قوات مسلحة متورطة في جرائم واسعة النطاق، والتحدي الأكبر هو حماية المدنيين العزل من الانتهاكات المستمرة.
الأزمة في الفاشر وبارة تكشف هشاشة الدولة السودانية أمام ميلشيات مسلحة مسيطرة، وتعكس فشل الآليات المحلية والدولية في حماية المدنيين، وتضع العالم أمام اختبار حقيقي لقدرة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على الردع ومنع تكرار المجازر.










