كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مضمون تقرير سري أعده مكتب المفتش العام بوزارة الخارجية الأمريكية، يشير إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي ارتكبت مئات الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان خلال عملياتها العسكرية في قطاع غزة.
ويؤكد التقرير أن مراجعة هذه الحالات قد تستغرق سنوات، نظرا لضخامة حجم الانتهاكات وتعقيد عملية التحقق منها.
تفاصيل التقرير
بحسب الصحيفة، يعد هذا التقرير أول وثيقة رسمية فيدرالية أمريكية تقر بأن نطاق الإجراءات الإسرائيلية في غزة قد يندرج ضمن قوانين ليهي (Leahy Laws)، وهي مجموعة من القوانين الأمريكية التي تحظر تقديم مساعدات عسكرية إلى أي دولة أو جهة وجهت إليها اتهامات موثوقة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين لم يكشف عن هويتهما أن التقرير يوثق مئات الحالات التي يحتمل أن ترقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية خلال العمليات العسكرية في القطاع.
غياب المحاسبة المتوقعة
ورغم خطورة ما ورد في التقرير، أكدت المصادر أن احتمال فرض عواقب ملموسة على إسرائيل يبدو ضعيفا، مشيرة إلى أن “كثرة الحوادث وطبيعة عملية المراجعة تصب في مصلحة جيش الدفاع الإسرائيلي”، الأمر الذي قد يجعل المساءلة الفعلية بطيئة أو محدودة التأثير.
كما أشار المسؤولان إلى أن عملية مراجعة الأدلة تتطلب تعاونا مع السلطات الإسرائيلية، التي عادة ما تجري تحقيقاتها الداخلية الخاصة، وهو ما يضعف قدرة واشنطن على فرض إجراءات مباشرة استنادا إلى قوانين ليهي.
رد وزارة الخارجية الأمريكية
لم يدل مكتب المفتش العام بتعليق رسمي مباشر على ما نشرته الصحيفة، إلا أن الموقع الإلكتروني للوزارة أكد بصورة غير مباشرة وجود التقرير، إذ ورد فيه أن الوثيقة “تحتوي على معلومات سرية وغير متاحة للعامة”.
ويعد هذا الاعتراف الضمني إشارة نادرة إلى وجود مراجعة داخلية جارية بشأن مدى التزام إسرائيل بالقوانين الدولية أثناء عمليتها العسكرية في غزة، في وقت تواجه فيه واشنطن ضغوطا متزايدة من الكونغرس والرأي العام الأمريكي لمراجعة دعمها العسكري لإسرائيل.
خلفية وسياق
يأتي هذا التطور في ظل الانتقادات الدولية الواسعة لسياسات إسرائيل في قطاع غزة، وخاصة بعد العمليات العسكرية الأخيرة التي أسفرت عن آلاف الضحايا المدنيين ودمار واسع للبنية التحتية.
وكانت منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية قد دعت مرارا إلى تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، استنادا إلى انتهاكات جسيمة محتملة للقانون الدولي الإنساني.
يبرز التقرير المسرب التناقض المتزايد في الموقف الأمريكي بين التزامه القانوني والأخلاقي بحماية حقوق الإنسان، وبين دعمه السياسي والعسكري المستمر لإسرائيل.
ومع أن التقرير لا يتوقع أن يؤدي فورا إلى تغيير جذري في السياسة الأمريكية تجاه تل أبيب، فإنه يفتح الباب أمام نقاش جديد داخل المؤسسات الأمريكية حول مدى التزام واشنطن بتطبيق قوانينها الداخلية عندما يتعلق الأمر بأقرب حلفائها في الشرق الأوسط.










