أثارت تصريحات الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، المعروفة إعلاميا باسم “تصريحات الرياض” خلال مشاركته في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار 2025، جدلا واسعا في الأوساط السورية والعربية، بعد أن شبه وتيرة التطور في بعض الدول الخليجية وتركيا بسرعة أكبر من نظيراتها في مصر والعراق، رغم إشارته إلى “الاحترام” لتجارب هذه الدول.
التصريحات التي جاءت في سياق نقاش اقتصادي عن التنمية الإقليمية، تحولت إلى عاصفة انتقادات إعلامية مصرية وانقسام سوري داخلي حول فحواها ومغزاها.
انقسام في الشارع السوري
انقسمت ردود الفعل السورية على تصريحات الشرع بين موجة انتقادات حادة من ناشطين ومنظمات سورية، ودعوات لتقديم اعتذار رسمي، وبين أصوات أقل عددا رأت أن التصريحات أسيء فهمها أو جرى اجتزاؤها من سياقها بما جعلها تبدو مهينة أكثر مما كانت عليه فعلا.
ورأى كثير من المعلقين أن الجدل يعكس حساسية العلاقة التاريخية مع القاهرة، وأن المقارنة العلنية لم تكن موفقة دبلوماسيا حتى وإن صيغت بعبارات “مع الاحترام” لبقية الدول.
انتقادات واسعة من منظمات وشخصيات سورية
وجه المرصد السوري لحقوق الإنسان عبر مديره رامي عبد الرحمن انتقادات مباشرة لتصريحات الشرع، متسائلا عما يعرفه عن التجربة المصرية، ومشككا في استناده إلى “معطيات واقعية”، في تعبير واضح عن رفض سوري حقوقي لأي خطاب مقارن ينتقص من مصر.
كما وصف المحلل السياسي السوري عبد الرحمن ربوع حديث الشرع بأنه خارج نطاق اللياقة الدبلوماسية مع دولة “صديقة وشقيقة”، داعيا إلى الاعتذار، ومؤكدا أن مصر تشهد نهضة تنموية كبيرة وأن تقييم الشرع “غير منصف”.
أصوات مدافعة
في المقابل، تداولت حسابات سورية موالية للشرع طرحا يرى أن الرجل لم يسئ لمصر صراحة، بل أشاد بسرعة التطور في دول الخليج وتركيا، مع تأكيده “الاحترام لمصر والعراق”.
واعتبر المدافعون أن سوء الصياغة أو اجتزاء المقاطع من التسجيل هو ما أشعل الجدل، ووصف البعض ما حدث بأنه “زلة لسان” أو تعبير غير موفق لا يعكس أي نية عدائية تجاه المصريين أو الدولة المصرية.
تفاعل إلكتروني واسع
أشعل المقطع نقاشا سوريا وعربيا واسعا على وسائل التواصل، بين من رأى فيه إضرارا بالعلاقات السورية – المصرية، ومن رأى أنه تحليل اقتصادي فني فهم بطريقة خاطئة.
وساهمت التغطيات الإعلامية العربية والمصرية المكثفة في تضخيم السجال، ما زاد من انخراط المستخدمين السوريين بين ناقد ومبرر ومطالب بتوضيح رسمي.
مواقف رمزية داخل سوريا
برزت أيضا مواقف سورية داعمة لمصر ورافضة لأي إساءة، بينها تصريح لوالد أحمد الشرع، الذي قال إن “مصر هي الأخ الأكبر للعرب” وإن أي إساءة لها تمس وجدان الشعب السوري نفسه.
كما استشهد ناشطون بدور مصر في استضافة مئات الآلاف من السوريين خلال السنوات الماضية، معتبرين أن هذه العلاقة الخاصة تتطلب خطابا أكثر حساسية ومسؤولية.
وتظهر الخريطة العامة للمواقف أن الشارع السوري منقسم بين أغلبية انتقدت المقارنة ودعت للاعتذار، وأقلية رأت أن الشرع أسيء فهمه وأن كلامه كان تحليلا اقتصاديا لا يحمل نية للإساءة.
لكن الجدل، في جوهره، يعكس أن مصر تبقى طرفا محوريا وحساسا في الوعي السوري، وأن أي تعبير غير محسوب بشأنها يمكن أن يفتح نقاشا حادا واسع التداعيات على المستويين الشعبي والإعلامي.










