حذر معهد أبحاث السياسة الخارجية (FPRI) من أن تفاقم ندرة المياه وتكرار الجفاف وتضارب المصالح الوطنية قد يؤدي إلى تجدد التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن تشغيل سد النهضة الإثيوبي.
جاء ذلك في تحليل جديد للمعهد بعنوان: “نزاع سد النهضة الإثيوبي الكبير: دروس في حوكمة المياه ومستقبل حوض النيل”.
وأشار التحليل إلى أن سد النهضة، الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بسعة 5150 ميغاوات، قد غير بشكل كبير العلاقات الدبلوماسية في حوض النيل.
وبينما يوفر سد النهضة الكهرباء لملايين البشر، فإن تأثيره على تدفقات النيل بات يمثل مصدر قلق دائم لمصر، التي تعتمد على النهر في معظم إمداداتها المائية.
وأوضح التقرير أنه في الظروف الهيدرولوجية العادية، من غير المرجح أن يؤثر السد بشكل كبير على وصول مصر إلى المياه.
ومع ذلك، فإن جفافا طويل الأمد إلى جانب الموقف السياسي العدائي المحتمل لإثيوبيا قد يؤدي إلى تصعيد التوترات، وقد يستنزف سد النهضة خزان السد العالي في أسوان، مما يخلق حالة ضعف للقاهرة ويزيد احتمالية التصعيد.
وأشار المعهد إلى أن نقطة الاشتعال الأكثر ترجيحا ستظهر إذا أعطت إثيوبيا الأولوية لإعادة ملء خزان سد النهضة بعد جفاف شديد على حساب عمليات إطلاق المياه لدول المصب، ما قد يعتبر تهديدا مباشرا للأمن المائي المصري، حتى في إطار حقوق إثيوبيا السيادية على المياه العابرة للحدود.
كما حذر التقرير من أن النمو السكاني وارتفاع الطلب على المياه في البلدين يشكلان عوامل هيكلية تؤثر على التوترات.
وأشار إلى أن مصر قد تواجه ندرة مياه مطلقة بحلول عام 2030 إذا استمر ارتفاع الاستهلاك، في حين أن مشاريع الري الجديدة في إثيوبيا قد تزيد الوضع تعقيدا.
وأكد التحليل أن الاستقرار طويل الأمد في حوض النيل يعتمد على الشفافية وتبادل البيانات والإدارة التعاونية للمياه.
وتضمنت التوصيات إبرام اتفاقيات مرنة وملزمة تأخذ في الاعتبار الظروف المناخية المتغيرة، وتبادل البيانات الهيدرولوجية بانتظام، ووضع تعريفات مشتركة للجفاف، وإجراء مراجعات دورية للتغيرات الديموغرافية والمناخية، وإنشاء آلية مستقلة لحل النزاعات.
وشدد المعهد على أهمية تنويع استراتيجيات المياه لكلا البلدين، من خلال تحلية المياه، وإعادة تدوير مياه الصرف، واعتماد محاصيل أقل استهلاكا للمياه، لتقليل الاعتماد على النيل ومنع السد من أن يصبح مصدرا دائما للتوتر الإقليمي.
وخلص التحليل إلى أن التعاون الشفاف والتنسيق الفني يمثلان السبيل الأفضل لتجنب تصاعد النزاعات، محذرا من أن غياب إدارة فعالة وسياسات بيانات مفتوحة سيجعل مصر تعتبر تشغيل السد تهديدا دائما لأمنها القومي، حتى في حال بقاء الآثار الهيدرولوجية تحت السيطرة.










