قوات الدعم السريع في السودان تتهم بمحاولة “تجميل صورتها” بعد إعلانها اعتقال مقاتلين تورطوا في مجازر الفاشر
اتهامات واسعة لقوات الدعم السريع السودانية بتنظيم حملة دعائية عقب إعلانها اعتقال عدد من عناصرها على خلفية المجازر في الفاشر، وسط شهادات مروعة عن عمليات قتل واغتصاب ونهب وتهجير قسري شملت آلاف المدنيين، واتهامات أممية بتصفيات جماعية وجرائم حرب.

أثار إعلان قوات الدعم السريع السودانية اعتقال عدد من عناصرها، بينهم القائد المعروف أبو لُولو، موجة من الغضب والسخرية بين الناشطين والحقوقيين، الذين وصفوا الخطوة بأنها محاولة دعائية يائسة لتخفيف الضغط الدولي بعد توثيق مجازر واسعة ارتكبتها الميليشيا في مدينة الفاشر شمال دارفور.
وقالت قوات الدعم السريع إنها أوقفت بعض المقاتلين “المتورطين في تجاوزات”، ونشرت مقاطع تُظهر اعتقال القائد أبو لُولو الذي ظهر في فيديوهات سابقة وهو يعدم مدنيين بالزي المدني خلال هجمات الأحد الماضي على الفاشر.
لكن ناشطين سودانيين اعتبروا ما جرى مسرحية إعلامية، مؤكدين أن جميع قادة الميليشيا متورطون في الجرائم نفسها. وانتشر وسم “#كلكمأبولولو” على منصات التواصل الاجتماعي في السودان، تعبيرًا عن رفض الرواية الرسمية.
وقال الباحث السوداني المقيم في بوسطن محمد سليمان إن “اعتقال أبو لولو ليس سوى محاولة لتضليل الرأي العام وتحويل الأنظار عن مسؤولية الميليشيا في المجازر الجماعية”.
وأكد مركز مرونة المعلومات (Centre for Information Resilience) أنه تحقّق من صور تُظهر عبد الرحيم دقلو، شقيق قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، موجودًا في الفاشر أثناء الهجمات.
أما الناشطة هالة الكارب من مبادرة “القرن الإفريقي الاستراتيجية للنساء”، فقد وصفت الخطوة بأنها “نكتة مؤلمة”، قائلة:
“مئات الآلاف من السودانيين يُقتلون يوميًا، والنساء والفتيات يتعرضن لاغتصاب ممنهج منذ ثلاث سنوات، بينما تكتفي الميليشيا بعرض اعتقال صوري لأحد قادتها”.
وشددت الكارب على أن الدعم السريع لا يمكن الوثوق به في التحقيق مع نفسه، مشيرة إلى جذوره كـ”مليشيا الجنجويد” التي ارتكبت مجازر دارفور في العقد الأول من الألفية.
من جهتها، قالت شينا لويس، المتخصصة في شؤون السودان بمنظمة “منع وإنهاء الفظائع الجماعية”، إن ما تقوم به قوات الدعم السريع هو محاولة لتبرئة النظام الداخلي عبر تحميل المسؤولية لـ”عناصر متمردة”، مؤكدة أن الجرائم تحمل “سمات سياسة منظمة للإبادة الجماعية منذ بداية الحرب”.
وفي جنيف، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سيف مغانغو إن المئات من المدنيين قُتلوا أثناء محاولتهم الفرار من الفاشر، مشيرًا إلى أن “عناصر الدعم السريع اختارت النساء والفتيات واغتصبتهن تحت تهديد السلاح، وأجبرت العائلات على مغادرة المنطقة وسط إطلاق نار عشوائي”.
ونقلت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) عن شهود عيان أن معظم المدنيين الفارين لم يصلوا إلى مخيم طويلة غرب الفاشر، رغم أن عددهم كان يُقدَّر بنحو 250 ألفًا، مما يرجّح وقوع مجازر إضافية على طرق الهروب.
وأكدت المنظمة أن “كل الأطفال دون سن الخامسة الذين وصلوا إلى المخيم يعانون من سوء تغذية حاد”، فيما وصف أطباء ميدانيون الوضع بأنه “كارثة إنسانية مطلقة”.
وفي شهادة مروعة لأحد الناجين، قال:
“رأيت إخوتي يُقتلون أمامي، ولا أعرف مصير والديّ أو أختي الصغيرة. جثث المدنيين كانت ملقاة على الطريق، وبعضها دُهس بعربات الدعم السريع”.
وفي هجوم آخر، أكدت منظمة الصحة العالمية مقتل 460 مريضًا خلال قصف مستشفى الولادة السعودي في الفاشر، حيث دخل الجنود ثلاث مرات “لإكمال ما بدأوه”، بحسب المتحدث كريستيان ليندماير.
ويُذكر أن الحرب الأهلية السودانية اندلعت في أبريل 2023 بعد صراع على السلطة بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، لتتحول تدريجيًا إلى نزاع دموي يحمل سمات التطهير العرقي في دارفور، وسط غياب تام للمساءلة الدولية.










