في حادثة هزت الرأي العام، تم اختطاف اثنين من المواطنين الإماراتيين ومواطن إيراني في مالي في 23 سبتمبر 2025 (أو 25 سبتمبر وفقًا لبعض المصادر)، وذلك في عملية نفذتها جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM)، وهي فرع مرتبط بتنظيم القاعدة في منطقة الساحل الأفريقي.
تفاصيل الاختطاف
العملية التي استهدفت الرهائن الإماراتيين والإيراني وقعت في مزرعة خاصة، يملكها أحد الإماراتيين، أو في ما يعرف بـ “hangar” للطائرات الخاصة، بمنطقة كاتي، التي تقع على بُعد حوالي 30 إلى 50 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة المالية باماكو. في عملية سريعة ومنسقة، اقتحم المسلحون من JNIM الموقع حاملين الأسلحة الثقيلة، وقاموا بنقل الرهائن إلى مناطق شمال مالي، بالقرب من مدينة غاو (Gao)، التي تسيطر عليها الجماعة.
الاختطاف تم توثيقه في فيديو نشرته وسائل الإعلام، حيث أظهرت اللقطات المسلحين وهم يأخذون الرهائن عنوة، ما أثار موجة من ردود الفعل في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. على الرغم من تأكيد الحكومة المالية الحادثة في البداية عبر بيان رسمي، إلا أن هذا البيان تم حذفه لاحقًا، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذا الإجراء، والتي يرجح البعض أنها كانت بسبب المفاوضات السرية الجارية بين الأطراف المعنية.
دوافع الاختطاف
تُعد جماعة JNIM واحدة من الجماعات الإرهابية الرئيسية في منطقة الساحل، وتستخدم الاختطاف كأداة رئيسية للتمويل، حيث تشن حملات منظمة لاستهداف الأجانب، خاصة أولئك الذين يعملون في مجالات مثل التعدين والطيران. وقد سبق أن نفذت الجماعة عمليات اختطاف مماثلة، بما في ذلك اختطاف سائقي شاحنات مغاربة في أغسطس 2025. وتسيطر الجماعة على مناطق واسعة في مالي، وتشن هجمات متواصلة على الحكومة العسكرية في باماكو، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد.
إطلاق سراح الرهائن
بعد أكثر من شهر من المفاوضات السرية التي أجريت تحت وساطة شبكات محلية تضم رجال أعمال من مالي وموريتانيا، تم إطلاق سراح الرهائن في 29-30 أكتوبر 2025. العملية تمثل نجاحًا نسبيًا للمفاوضات، حيث تم نقل الرهائن الثلاثة إلى باماكو عبر طائرة عسكرية مالية، ومن ثم إلى دبي بواسطة طائرة خاصة. على الرغم من ذلك، فإن التفاصيل حول عملية الفدية التي تم دفعها تبقى غير واضحة، لكن التقارير تشير إلى أن الفدية التي تم دفعها كانت ضخمة، حيث قدر البعض قيمتها بحوالي 50 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى أسلحة وذخائر.
التداعيات السياسية والانتقادات
في حين أشادت الإمارات بالجهود التي بذلتها الحكومة المالية، نفت الحكومة الإماراتية أي تورط مباشر في دفع الفدية. من جهة أخرى، اعتبرت الحكومة المالية العملية ناجحة، وأكدت على ضرورة التعامل مع مثل هذه الحوادث بحذر.
ورغم ذلك، تعرضت الحكومة المالية لانتقادات شديدة من قبل منظمات حقوقية مثل “ACLED” (بيانات الصراعات المسلحة)، التي وصفت دفع الفدية بأنه “سوء سابقة” قد يعزز من قوة الجماعة الإرهابية ويدفعها لزيادة ضغوطها على الحكومة.
جبهة تحرير أزواد تكشف تفاصيل جديدة
من جانب آخر، نشرت بعض الشخصيات المقربة من “جبهة تحرير أزواد” بيانًا تنفي فيه تمامًا أي علاقة لها بالجماعة التي قامت بعملية الاختطاف.
وأكد البيان أن ما يتم تداوله حول تورط الجبهة في هذه الحادثة هو “شائعات مغرضة” تهدف إلى تشويه صورة الحركة الوطنية الأزوادية.
كما نفى البيان وجود شخص يُدعى “ولد جدين” بصفته مستشارًا أو ممثلًا للجبهة في هذه المفاوضات، واعتبر هذه المعلومات “مفبركة” ومصممة لتضليل الرأي العام.
مخاوف من تصعيد الأوضاع
في أعقاب إطلاق سراح الرهائن، يزداد القلق من أن دفع الفدية قد يشجع الجماعات المتطرفة على تنفيذ المزيد من عمليات الاختطاف والتصعيد في منطقة الساحل. حيث تواصل جماعة JNIM استخدام هذه التكتيكات كوسيلة لتمويل أنشطتها، مما يثير المخاوف من أن الفدية التي تم دفعها قد تعزز من قدرتها على تنفيذ هجمات إضافية على المدنيين والأجانب في المنطقة.










