تصاعدت التساؤلات حول مصير النظام العسكري في مالي، بعد مرور سنوات على الانقلابين العسكريين اللذين أطاحا بالحكومات المدنية، وسط تحديات أمنية وسياسية واقتصادية متزايدة.
هذا ما ناقشه برنامج “نقاش صحراء 24” في حلقة حملت عنوان: “مالي.. هل يعيش النظام العسكري آخر أيامه؟”، بحضور أحمد والمبارك، رئيس مركز ديلول للدراسات الاستراتيجية، ومحمد ويس المهري، صحفي متخصص في شؤون الساحل.
وحذر الخبراء من احتمال تكرار سيناريو سوريا في مالي، بتصعيد قيادي جهادي إلى الحكم عبر الوصول إلى السلطة في باماكو، كما حدث في تسليم دمشق لقائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، المعروف باسم أحمد الشرع، في ديسمبر 2014.
الصراع بين التشاؤم والتفاؤل
تباينت وجهات النظر حول قدرة النظام العسكري على الصمود:
أحمد والمبارك يروى أن النظام العسكري يواجه أسوأ مرحلة منذ الانقلابات السابقة، مشيرا إلى أن الجماعات المسلحة باتت على بعد 30 كيلومترًا من العاصمة باماكو، واستهدافها للقوافل اللوجستية يهدد الأمن الداخلي.
وأوضح أن مالي تعاني من فشل الدولة، حيث يسيطر النظام على جزء محدود من العاصمة، وأن هناك مخططًا خارجيًا قد يعيد تجربة سوريا إلى مالي.
محمد ويس المهري يختلف جذريًا، مؤكداً أن النظام صامد ويستعيد تدريجيًا السيطرة على العاصمة.
واعتبر أن تحسن خدمات الوقود ودخول القوافل إلى باماكو تحت حماية القوات الأمنية دليل على قدرة الحكومة على مواجهة التحديات رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
الأزمة الداخلية وأثرها على استقرار النظام
كشف الحوار عن تداعيات الأزمة الداخلية، من بينها إيقاف الدراسة في المدارس وقيام اعتقالات وتصفية داخل المؤسسة العسكرية.
وتوقع أحمد والمبارك أن رئيس المجلس العسكري في باماكو، آسيمي غويتا، قد لا يبقى في السلطة حتى عام 2026، بينما يرى المهري أن الحكومة ستستمر في الصمود رغم هذه التحديات.
وحذر الخبراء من تكرار سيناريو سوريا في مالي عبر “مؤامرة إقليمية ودولية” قد تسفر عن وصول أحد قيادات الجماعات الإرهابية إلى السلطة في باماكو، مع ترشيح إياد أغ غالي، زعيم جبهة نصرة الإسلام والمسلمين ودبلوماسي مالي سابق، كأبرز المرشحين للسلطة حال سقوط نظام غويتا.
السياسة الخارجية: روسيا – تركيا – أمريكا
تناولت الحلقة سياسات الرئيس هاشم كويتا الخارجية، حيث يرى أحمد والمبارك أنه يمارس سياسة متذبذبة ومزاجية، مستشهدين بخروجه من اتفاق الجزائر وطرده قوات الأمم المتحدة والفرنسيين، واعتماده على مجموعة “فاغنر” الروسية وشركات تركية لحماية قصره.
في المقابل، اعتبر المهري أن كويتا يعمل لمصلحة وطنه، وأن إنهاء التعاون الغربي جاء وفق مصالح مالية وأمنية، وأن التعاون مع الشركات التركية يهدف لتعزيز قدرات الجيش وليس لحماية شخصية للرئيس. وأرجع المهري الأزمات الحالية إلى التنافس الدولي بين المعسكر الغربي والشرقي ومحاولة بعض القوى معاقبة مالي على طردها للوجود الفرنسي.
مستقبل النظام المالي
يبقى مصير النظام العسكري في مالي مسألة مفتوحة، حيث يقف التشاؤم والتفاؤل في مواجهة بعضهما: هل سينهار النظام تحت ضغط الجماعات المسلحة والأزمات الداخلية والخارجية، كما يرى أحمد والمبارك، أم سيصمد ويعيد السيطرة، كما يطمئن محمد ويس المهري؟
الواضح أن المرحلة القادمة حاسمة بالنسبة لاستقرار مالي ودورها في منطقة الساحل، وسط مخاطر محلية وإقليمية ودولية متشابكة، تجعل مراقبة التطورات القادمة ضرورة للمنطقة بأسرها.










