إعلان ترامب عن استئناف التجارب النووية يثير البلبلة في الأوساط الأمريكية والدولية، وسط تحذيرات من عودة سباق التسلح وتراجع التفوق التقني الأمريكي في المجال النووي.
أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن نية بلاده استئناف التجارب النووية موجة واسعة من الجدل والارتباك والبلبلة في الأوساط السياسية والعسكرية والعلمية داخل الولايات المتحدة وخارجها.
ففي منشور على منصة Truth Social، تحدث ترامب عن استئناف التجارب النووية، لكنه قدّم تصريحات متناقضة ومليئة بالمغالطات، مثل قوله إن “الولايات المتحدة تمتلك أكبر عدد من الرؤوس النووية في العالم” – بينما تؤكد البيانات أن روسيا تتصدر هذا التصنيف. كما زعم أن دولاً كبرى أخرى استأنفت بالفعل تجاربها النووية، وهو ادعاء لا أساس له من الصحة.

ما الذي قصده ترامب فعلاً؟
بحسب مراقبين، لا أحد يعرف على وجه الدقة ما الذي يعنيه ترامب. فالتجارب النووية التقليدية تعني تفجير قنبلة نووية في بيئة خاضعة للرقابة لاختبار فعاليتها وتأثيرها، وهي تجارب توقفت في الولايات المتحدة منذ عام 1992. ومنذ ذلك الحين، تبنت واشنطن سياسة عدم إجراء أي تفجيرات نووية حقيقية، رغم أنها لم تصادق رسميًا على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
آخر تجارب مشابهة أجرتها الولايات المتحدة كانت في إطار برامج المحاكاة الرقمية والاختبارات الفيزيائية الدقيقة، باستخدام تقنيات ليزر وأجهزة أشعة سينية متقدمة، لتقييم كفاءة الترسانة دون تفجير فعلي.
تفسيرات محتملة لإعلان ترامب
• التفسير الأول: أن الإدارة الأمريكية لا تخطط لتفجيرات نووية فعلية، بل لاختبار صواريخ النقل أو “المنصات الحاملة للرؤوس النووية”، كما تفعل دول أخرى مثل روسيا.
• التفسير الثاني: أن ترامب ربما كان يشير إلى ما يُعرف بـ “التجارب فوق الحرجة”، وهي تجارب نووية محدودة الطاقة لا تُنتج تفجيرات كبيرة، ويُعتقد أن روسيا أو الصين قد أجرت بعضها مؤخرًا.
• التفسير الثالث والأكثر ترجيحًا: أن ترامب استخدم التصريح كأداة ضغط سياسي، موجهة تحديدًا إلى الصين وروسيا، في ظل المفاوضات الجارية بشأن أوكرانيا وملفات التسلح النووي، دون وجود خطة فعلية للتنفيذ.
مخاطر العودة إلى التفجيرات النووية
يرى عدد من الخبراء أن استئناف التجارب النووية الكاملة سيكون خطوة كارثية، لأن ذلك سيقوض التوازن الدولي القائم منذ نهاية الحرب الباردة، ويفتح الباب أمام سباق تسلح جديد.
ويشير محللون إلى أن الولايات المتحدة تمتلك تفوقًا تقنيًا فريدًا بفضل برامجها المتقدمة لمحاكاة الانفجارات واختبار الأسلحة دون تفجيرها فعليًا. إذ تنفق واشنطن نحو 25 مليار دولار سنويًا على برنامج صيانة الترسانة النووية، ويعمل فيه أكثر من 65 ألف خبير مدعومين بأقوى الحواسيب الفائقة وأكبر أنظمة الليزر في العالم.
لكن إذا استأنفت جميع الدول التفجيرات النووية، فإن هذا التفوق الأمريكي سيتبدد، خصوصًا وأن روسيا أعلنت أنها ستفعل الشيء نفسه إذا فعلته واشنطن.
يبدو أن إعلان ترامب الأخير يفتقر إلى خطة واضحة، وربما يندرج في إطار الخطاب الاستعراضي الذي يستهدف خصومه الخارجيين والرأي العام الداخلي. إلا أن مجرد الحديث عن عودة التجارب النووية يثير قلقًا عالميًا حقيقيًا، لأنه يهدد بإحياء سباق التسلح الذي كلف العالم أزمات كبرى خلال القرن الماضي.
لكن مجرد طرح الفكرة يثير قلقًا عالميًا حقيقيًا، إذ يهدد بإعادة إشعال سباق التسلح النووي الذي حاول العالم طوال عقود احتواءه.










