شهدت قاعة البرلمان الإيراني اليوم مشهداً لافتاً، حيث ردد نواب مجلس الشورى الإسلامي شعارات “الموت لأمريكا” و“الموت لإسرائيل” خلال جلسة رسمية بمناسبة الذكرى السنوية لاقتحام السفارة الأميركية في طهران عام 1979، وهو الحدث الذي شكّل نقطة تحول في العلاقات بين البلدين وقطعها حتى اليوم.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “تسنيم” أن هذه الهتافات جاءت في إطار الاحتفالات الرسمية التي تنظمها السلطات الإيرانية لإحياء ما يُعرف بـ“اليوم الوطني لمناهضة الغطرسة العالمية”، والذي يصادف الرابع من نوفمبر كل عام.
وخلال الفعالية، ألقى رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف كلمة أمام الحاضرين قال فيها إن شعار “الموت لأمريكا” ليس نتاج مؤامرة أو تفكير سياسي، بل “صرخة تنبع من الذاكرة التاريخية والضمير الجمعي للشعب الإيراني”. وأضاف أن “الموت المقصود هو لمفهوم الغطرسة والهيمنة، لا لشعب أو أمة”.
كما اتهم قاليباف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجسيد “روح الهيمنة” في سياساته وقراراته، مؤكداً أن الشعب الإيراني سيواصل مقاومة ما وصفه بـ“الاستكبار العالمي” ورفض الضغوط والعقوبات المفروضة على بلاده.
وتزامنت جلسة البرلمان مع مسيرات في عدة مدن إيرانية شارك فيها طلاب ومواطنون لإحياء ذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران، الذي قام به طلاب ثوريون عام 1979 بعد الإطاحة بنظام الشاه رضا بهلوي، حيث تم احتجاز الدبلوماسيين الأميركيين لأكثر من 400 يوم، في واحدة من أكثر الأزمات الدبلوماسية تعقيداً بين البلدين.

وفى السياق نفسه احتشد آلاف الإيرانيين، اليوم الثلاثاء، في وسط طهران لإحياء الذكرى السنوية لاقتحام السفارة الأميركية عام 1979، في أول احتفال من نوعه منذ القصف الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية خلال الحرب القصيرة مع إسرائيل في يونيو الماضي.
ورفع المشاركون في المسيرات شعارات “الموت لأمريكا” و“الموت لإسرائيل”، وأحرقوا أعلام البلدين، كما علّق بعضهم دمى تمثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن فعاليات مماثلة أقيمت في مدن عدة بأنحاء البلاد، حيث نُصبت مجسمات لصواريخ إيرانية كُتب عليها “الموت لأمريكا”، إلى جانب نماذج لأجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم.
وتأتي هذه الذكرى وسط تصعيد متبادل بين طهران وواشنطن بعد الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً وأسفرت عن مقتل نحو 1100 إيراني، بينهم قادة عسكريون وعلماء في المجال النووي، في حين أسفر القصف الإيراني الانتقامي عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.
وأكد المرشد الأعلى علي خامنئي في كلمة ألقاها عشية المناسبة أنه “لن يكون هناك أي تطبيع للعلاقات مع الولايات المتحدة في المستقبل المنظور”، وهو الموقف ذاته الذي تكرّر على لافتات المظاهرات في شوارع طهران.
وفي كلمته خلال المظاهرة المركزية أمام موقع السفارة الأميركية السابقة، وصف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف المبنى بأنه “وكر للجواسيس”، واتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بـ“اغتيال العلماء الإيرانيين لأن الغرب يعارض إيران المستقلة والقوية”، على حد قوله.

ولا تزال العلاقات بين البلدين مقطوعة منذ أن احتجز طلاب إيرانيون 52 دبلوماسياً أميركياً داخل السفارة في عام 1979 لمدة 444 يوماً.
وفي أعقاب الحرب الأخيرة، انسحبت إيران من مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأنشطتها النووية، محتفظة بمخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ — وهي نسبة تقترب من مستوى تصنيع السلاح النووي البالغ 90٪.
وتؤكد طهران أن برنامجها النووي سلمي بحت، بينما تعتبر الدول الغربية أن الجمهورية الإسلامية كانت تمتلك برنامجاً عسكرياً منظماً حتى عام 2003.
وفي سبتمبر الماضي، أعادت الأمم المتحدة فرض العقوبات على إيران بسبب انتهاكاتها للاتفاق النووي، ما زاد من عزلتها المالية والدبلوماسية، وقيّد تعاملاتها في مجال الأسلحة والصواريخ الباليستية










