موسكو تلوّح بإرسال صواريخ فوق صوتية إلى فنزويلا في خطوة تعيد إلى الأذهان أزمة الصواريخ الكوبية. تصعيد روسي يهدد بإشعال مواجهة جديدة مع واشنطن على حدودها الجنوبية، بينما يحاول مادورو تثبيت حكمه عبر تحالفات عسكرية مع روسيا والصين وإيران
في مشهد يعيد إلى الأذهان كوابيس الحرب الباردة، لمّحت موسكو إلى استعدادها لنشر صواريخ فوق صوتية في فنزويلا، في خطوة قد تُشعل مواجهة غير مسبوقة مع الولايات المتحدة منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
ألكسي زورافليوف، نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي، صرّح بأن “لا شيء يمنع تزويد فنزويلا بصواريخ أوريشنك وكاليبر”، مؤكدًا أن موسكو تملك “الحق الكامل في دعم حلفائها بما تراه مناسبًا”. التصريح بدا في ظاهره رسالة دعم، لكنه في جوهره تهديد مباشر لواشنطن التي كثّفت وجودها العسكري مؤخرًا قرب السواحل الفنزويلية تحت غطاء “مكافحة تهريب المخدرات”.
الولايات المتحدة ردّت بهدوء حذر، لكنها تدرك أن نشر صواريخ بمدى متوسط وسرعة تتجاوز عشرة أضعاف سرعة الصوت على بعد مئات الكيلومترات من فلوريدا سيعني فتح فصل جديد من سباق التسلح، هذه المرة على حدودها الجنوبية.
موسكو، التي تخوض مواجهة مفتوحة مع واشنطن في أوكرانيا وأوروبا الشرقية، تستخدم كاراكاس كورقة ضغط جيوسياسية، مستفيدة من عداء الرئيس نيكولاس مادورو للغرب وسعيه لتثبيت حكمه المنهار اقتصاديًا عبر التحالف مع روسيا، الصين، وإيران. وفي المقابل، يبدو أن ترامب وإدارته يتعاملان مع الملف الفنزويلي بعقلية “الردع المزدوج”: تصعيد عسكري محدود من جهة، وضغط سياسي واقتصادي من جهة أخرى، لتفادي التورط في حرب مباشرة قد تفتح أبواب الجحيم في نصف الكرة الغربي.
التحذير الروسي العلني من “مفاجأة أميركية قادمة” يعكس تصعيدًا في الخطاب أكثر منه في الفعل، لكنه يكشف في الوقت نفسه أن العالم يتجه مجددًا نحو سياسة “حافة الهاوية”، حيث يُستخدم السلاح النووي كورقة مساومة لا كوسيلة ردع فقط.
فهل تعيد موسكو تكرار سيناريو خروتشوف في كوبا لتقول لواشنطن: “إن كنتم تقتربون من حدودنا في أوكرانيا، فنحن أيضًا نستطيع أن نقترب من حدودكم في الكاريبي”؟
أم أن التصعيد ليس إلا لعبة ضغط إعلامي جديدة تستغلها فنزويلا لتأمين بقائها وسط عزلة خانقة؟
الجواب لم يُكتب بعد، لكن المؤكد أن البحر الكاريبي عاد إلى قلب الصراع الدولي، وأن العالم يقترب خطوة أخرى من سباق صواريخ جديد في القرن الحادي والعشرين.










