تصاعدت خلال الساعات الماضية موجة غضب عارمة في الأوساط المصرية عقب التصريحات التي أدلى بها الفنان وعضو مجلس الشيوخ ياسر جلال أثناء تكريمه في ختام الدورة الثالثة عشرة من مهرجان وهران السينمائي بالجزائر مساء الأربعاء الماضي، بعد أن تحدث عن “مشاركة جزائرية في حماية ميدان التحرير عقب حرب يونيو/حزيران 1967″، وهي رواية أثارت استغرابا واسعا وتشكيكا تاريخيا في دقتها.
“جه يكحلها فعماها”… تصريح حماسي يتحول إلى أزمة
وخلال كلمته الحماسية التي ألقاها على المنصة، قال ياسر جلال إن الجزائر، عقب نكسة 1967، أرسلت قوات صاعقة لحماية ميدان التحرير في القاهرة إثر شائعات تحدثت عن نية إسرائيل مهاجمة العاصمة المصرية. وأضاف أنه سيربي أبناءه على حب الجزائر “التي وقفت مع مصر وقت الشدة”.
ولاقت الكلمة ترحيبا كبيرا في القاعة من الجمهور الجزائري، خاصة في ظل الرغبة المشتركة في طي صفحة الخلافات القديمة بين البلدين منذ أزمة مباراة أم درمان عام 2009، إلا أن المشهد لم يمر مرور الكرام في القاهرة، حيث اعتبره كثيرون تزييفا للتاريخ الوطني المصري.
غضب مصري واسع وتشكيك في الرواية
وسرعان ما اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بانتقادات حادة للفنان، حيث اتهمه مغردون بـ”ترديد أكاذيب تمس الكرامة الوطنية”، مشيرين إلى أن الجيش المصري وحده هو من تولى حماية الجبهة الداخلية عقب الهزيمة، وأن الجزائر لم تشارك ميدانيا في أي معارك داخل الأراضي المصرية خلال تلك الفترة.
وأكد مؤرخون مصريون أن القوات الجزائرية شاركت بعد ذلك في حرب أكتوبر 1973، لكن وصولها جاء بعد إعلان وقف إطلاق النار، موضحين أن الطائرات الجزائرية وصلت ما بين 17 و20 أكتوبر ولم تشارك في طلعات قتالية بسبب مشكلات فنية، فيما وصلت القوات البرية إلى الحدود المصرية في 30 أكتوبر 1973، أي بعد نهاية العمليات العسكرية الفعلية.
كما أشارت وثائق إسرائيلية من تلك الحقبة إلى أنه لم تكن هناك أي خطط أو نوايا إسرائيلية لمهاجمة القاهرة عام 1967، الأمر الذي يجعل الرواية التي ذكرها ياسر جلال “محض خيال درامي” لا يمت للواقع بصلة.
مخاوف من استغلال سياسي وتصريحات مرتقبة
وتوقعت مصادر برلمانية مصرية أن يصدر الفنان بيان اعتذار رسمي خلال الأيام المقبلة، خصوصا في ظل موقعه الحالي كعضو بمجلس الشيوخ، حيث طالبه عدد من النواب بتوضيح موقفه و”تصحيح الخطأ احتراما للتاريخ المصري”.
في المقابل، دافع بعض الفنانين والإعلاميين عن جلال، معتبرين أن ما قاله جاء في سياق عاطفي يرمي إلى التعبير عن “التلاحم العربي وحب الجزائر”، وأنه لم يقصد الإساءة لمصر أو تاريخها العسكري.
الجزائر والمشاركة العسكرية بعد النكسة
وبحسب عدد من المصادر العسكرية التاريخية، فقد أرسلت الجزائر بعد نكسة 1967 سرب مقاتلات إلى مطار العريش، لكن لم يتم توثيق عمليات مشتركة أو وجود قوات صاعقة جزائرية في القاهرة. كما أن خلافا سياسيا داخليا بين الرئيسين الراحلين هواري بومدين وأحمد بن بيلا أدى لاحقا إلى سحب بعض الوحدات الجزائرية التي كانت موجودة في الجبهة المصرية.
انتقادات وسخرية على المنصات
وتحولت الواقعة إلى مادة للسخرية والتندر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب أحد المعلقين: “لم نسمع عن قوات صاعقة جزائرية في التحرير، يبدو أن جلال خلط بين فيلم تاريخي وخبر حقيقي”. بينما كتب آخر: “نحب الجزائر، لكن التاريخ لا يكتب بالمجاملات”، في حين طالب آخرون الفنانين المصريين بـ”تحري الدقة عند الحديث عن أحداث وطنية حساسة”.
مشاريعه الفنية المقبلة
يذكر أن الفنان ياسر جلال يستعد لتصوير مسلسل رمضاني لعام 2026 بعنوان “كلهم بيحبوا مودي”، من نوعية الكوميديا الاجتماعية، ويشارك في بطولته ميرفت أمين، وأيتن عامر، ومصطفى أبو سريع، وهدى الإتربي، وجوري بكر، ويمنى طولان، من تأليف عمرو الدالي وإخراج محمد يحيى مورو.










