أطلق الخبير الاقتصادي والأكاديمي الإيراني، حسين راغفار، تحذيرات بالغة الخطورة بشأن الوضع المعيشي المتدهور في البلاد، كاشفاً أن 10% من سكان إيران، أي ما يعادل سبعة ملايين شخص، يعانون حالياً من سوء التغذية والجوع. وحذّر من أن استمرار السياسات الحالية قد يدفع نسبة “السكان الفقراء” إلى 40% من إجمالي السكان.
أزمة الجوع المتفاقمة والتفاوت الطبقي
في مقابلة له مع موقع “خبر أونلاين” الإيراني، أوضح راغفار أن الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية “لن يحصلوا على سعرات حرارية كافية حتى لو أنفقوا كل دخلهم على الطعام”. وأرجع السبب الرئيسي لهذه الأزمة نتيجة “نظام تمييزي في توزيع الموارد والفرص”، حيث يستحوذ المقربون من مراكز السلطة على الحصة الأكبر من الثروات والموارد.
وأشار الأكاديمي إلى أن المجتمع يعيش حالة من التفاوت الطبقي الحاد، حيث تتسع الفجوة بين الفقر المدقع لغالبية الشعب وتكوّن طبقة صغيرة “ثرية للغاية” تمارس نفوذها لتوجيه القرار الاقتصادي لصالحها.
مقارنة تاريخية وتحذير اجتماعي
قارن راغفار الوضع الحالي بالمجاعة التي ضربت إيران في الحرب العالمية الأولى، لكنه أكد أن “الجوع اليوم هو نتيجة الغباء والجشع والخيانة”، على عكس مجاعة الحرب العالمية الأولى التي كانت ناتجة عن “تدخل خارجي من البريطانيين”.
كما حذر بشدة من تجاهل الغضب الشعبي المتنامي، مؤكداً أنه “من الخطأ الاعتقاد بأن الناس سيكتفوا بالجلوس ومشاهدة أنفسهم يزدادون جوعًا”، مشيراً إلى أن استمرار الأوضاع سيؤدي إلى “ردود فعل اجتماعية قوية”.
سوء تغذية يهدد الحياة
تشير تقارير إعلامية إلى أن 35 في المائة من الوفيات المسجلة في إيران ناجمة عن سوء التغذية، فيما تؤكد وزارة الصحة أن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص يموتون سنويًا بسبب نقص أحماض “أوميغا 3” الدهنية، وعدد مماثل بسبب قلة استهلاك الفاكهة والخضروات، إضافة إلى 25 ألف وفاة أخرى نتيجة نقص الحبوب الكاملة في النظام الغذائي.
ويعاني ما بين 50 إلى 70 في المائة من الإيرانيين من نقص فيتامين “د”، ما يؤدي إلى ضعف المناعة وزيادة أمراض العظام.
في المقابل، تشهد أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا حادًا، حيث حذر الأكاديمي ماجد ميرلطيفي من أن سعر الزبادي “سيتضاعف قريبًا، ولن يتمكن الناس من تناول حتى الخبز والزبادي”، في إشارة إلى تراجع القدرة الشرائية بشكل خطير.
أجور لا تكفي للعيش
يقول الناشط العمالي فرامرز توفيغي إن “سلة المعيشة الرسمية” في إيران وصلت إلى نحو 58 مليون تومان، بينما لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور المحدد في مارس/آذار الماضي 11 مليون تومان، أي أقل من خمس تكلفة المعيشة الفعلية.
ورغم أن المادة 41 من قانون العمل تنص على ضرورة تحديد الأجور بما يتناسب مع معدلات التضخم وتكلفة المعيشة، فإن هذه المعايير لم تُطبّق خلال السنوات الأخيرة. وتصف النقابات العمالية هذا الوضع بأنه “قمع للأجور” يخدم مصالح النخبة الاقتصادية القريبة من السلطة.
جوع متصاعد وأسعار فلكية
وفي سياق متصل، قال منصور بوريان، رئيس المجلس الوطني لإمدادات الثروة الحيوانية، إن أسعار اللحوم ارتفعت إلى حد أن “جزءًا كبيرًا من المجتمع لم يعد قادرًا على شراء حتى اللحوم البرازيلية المجمدة”، موضحًا أن سعر الكيلوغرام الواحد ارتفع من نحو 400 ألف تومان إلى أكثر من 700 ألف تومان.
ويشير راغفار إلى أن هذه المظاهر ليست سوى نتيجة لسياسات اقتصادية منحازة، مضيفًا أن الحكومة أنفقت نحو 4 مليارات دولار على استيراد السيارات خلال العام الماضي، بينما تواجه صعوبات في توفير النقد الأجنبي لاستيراد الأدوية والسلع الأساسية، وهو ما اعتبره “دليلًا على إعطاء الأولوية لمصالح كبار الرأسماليين على حساب احتياجات الشعب”.
انعدام الثقة والقلق الاقتصادي
وفي ختام التقرير، نقلت وكالة مهر للأنباء عن خبراء قولهم إن فشل الحكومة في كبح التضخم أدى إلى انعدام الثقة وتزايد القلق الاقتصادي في أوساط المواطنين، بينما تتحدث شهادات من داخل إيران عن واقع معيشي متدهور.










