شهدت الصين في 11 نوفمبر 2025 حادثًا مروعًا بانهيار جزئي لجسر هونغتشي العملاق في مقاطعة سيتشوان جنوب غربي البلاد، وذلك بعد أشهر فقط من افتتاحه رسميًا كأحد المشاريع الهندسية الحديثة التي تربط قلب الصين بهضبة التبت
. تسببت الكارثة التي وثقتها مقاطع فيديو تداولتها وسائل الإعلام العالمية في حالة ذهول وحيرة داخل الأوساط الهندسية والشعبية، وسط تساؤلات ملحة حول مدى مأمونية البنية التحتية في المناطق الجبلية الصينية.
تفاصيل الحادث وتداعياته
وقع الانهيار عصر الثلاثاء الماضي حين انهار جزء ضخم من جسر “هونغتشي” الذي يبلغ طوله 758 مترًا فوق نهر عميق ووعر التضاريس، ما أدى إلى سقوط عشرات الأطنان من الخرسانة في المياه وتصاعد سحابة كثيفة من الغبار
. وأغلقت الشرطة الجسر والطريق السريع المؤدي إليه بالكامل بعد ظهور تشققات وتحولات جيولوجية خطيرة في المناطق الجبلية المحيطة، نتيجة انزلاق أرضي مفاجئ كشفه الخبراء قبل الحادث بفترة قصيرة
.اللافت أنّ الحادث وقع في منطقة ميركانغ التي تشتهر بأنحداراتها وشدة تعقيدات تربتها، ما يجعلها مشهداً مفتوحاً لشتى الكوارث الطبيعية. السلطات أكدت أن المنطقة أُخليت بالكامل قبل الانهيار بساعات قليلة، فلم تُسجل أي إصابات بشرية رغم الحجم الهائل للمأساة
.التحقيقات والمعطيات الأولية
فتحت السلطات الصينية تحقيقًا هندسيًا عاجلاً بحثًا في أسباب الحادث، وسط تضارب في التحليلات بين وجود عيوب إنشائية وعوامل جيولوجية ضاغطة بفعل طبيعة الأرض الجبلية
. تشير البيانات الأولية إلى أن التشققات والانزلاقات الأرضية التي رُصدت على منحدرات الجسر قد لعبت الدور الأبرز في إسقاط الهيكل الفولاذي، مع احتمالية وجود مشاكل في التنفيذ أو مواصفات المواد، خصوصا أن أعمال التفتيش الأخيرة نبهت إلى وجود “مخاطر مرتقبة” لم تجد الوقت الكافي للمعالجة
.الجسر المنهار كان قد افتتح في سبتمبر 2025 ضمن مشاريع تحديث البنية التحتية الصينية، واختيرت له تقنيات بناء متطورة طُورت لمقاومة الانزلاقات والأخطار الجيولوجية، لكنه اصطدم بواقع تربة المنطقة الرخوة والتضاريس المتقلبة
.ردود الفعل المحلية والدولية
لاقى الحادث اهتمامًا واسعا وحصد ملايين المشاهدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول مقاطع توثق لحظة الانهيار بدقة، كانت بمثابة صدمة للمجتمع الهندسي الصيني الذي اعتاد الافتخار بالتفوق في مشروعات البنية التحتية العملاقة
. ودفعت الكارثة إلى جدل كبير في البرلمان ووسائل الإعلام حول معايير الأمان، سيّما في مشاريع الطرق السريعة والجسور التي تربط المناطق النائية، وسط مطالبات رسمية بنشر نتائج التحقيق كاملة واتخاذ إجراءات صارمة منعاً لتكرار السيناريو نفسه في مشروعات قادمة
.التبعات المستقبلية وخطط الإصلاح
أكدت الجهات الحكومية أن كافة البيانات الجيولوجية والهندسية للجسر والمنطقة المحيطة قيد المراجعة الفورية، وأعلنت عن حصر الأضرار وتقييم جدوى إعادة بناء الجسر أو إنشاء بديل جديد وفق معايير أكثر صرامة وعبر استشارات دولية إذا اقتضى الأمر ذلك
. كما تم التشديد على أن الإغلاق الكامل للموقع سيظل حتى صدور تقرير نهائي يحدد بالضبط مكمن الخلل ويضع خطة لتطوير إجراءات الصيانة والدعم الهندسي في كل المشاريع الجبلية المستقبلية.ما تزال قضية جسر هونغتشي في صدارة اهتمامات الرأي العام، تجدد المخاوف من كوارث بنيوية وتفرض على صنّاع القرار مراجعة السياسات، ليبقى السؤال المطروح: كيف تأمن الصين مستقبل جسورها بين الجبال؟










