أعلن رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، الأربعاء، أنه سيطرح الأسبوع المقبل مشروع قانون مثير للجدل يُلزم وزارة العدل بنشر جميع ملفات قضية الممول الراحل المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين، متجاوزاً الموعد المتوقع.
وأكد جونسون أن إحالة المشروع إلى التصويت في قاعة المجلس تأتي استجابة لمطالب متصاعدة بالشفافية، وسط نقاش محتدم حول حدود الإفصاح القانوني وحماية الخصوصية.
وحتى ساعة كتابة هذا التقرير، لم تُنشر الصيغة النهائية للمشروع، ما يترك تفاصيل آليات النشر وحدود التنقيح غير واضحة، بما في ذلك كيفية التعامل مع أسماء الضحايا أو أي معلومات قد تؤثر على قضايا قائمة أو أطراف لم تُدان قضائياً.
خلفية القضية وأهميتها العامة
يعد ملف جيفري إبستين من أكثر القضايا إثارة للجدل في الولايات المتحدة خلال العقد الأخير، إذ أُدين بتهم تتعلق بالاتجار الجنسي بالقاصرات، قبل أن يُعثر عليه ميتاً في زنزانته عام 2019 في واقعة خلّفت شكوكاً عامة واسعة.
ورغم الكشف عن وثائق قضائية متفرقة خلال السنوات الماضية، بقي جزء كبير من السجلات الجنائية والتحقيقية خاضعاً للسرية لأسباب قانونية تتعلق بالخصوصية وسرية هيئة المحلفين الكبرى وحماية الضحايا.
ويؤكد مؤيدو النشر الكامل أن الإفصاح قد يبدد الشبهات، ويعزز مبدأ المحاسبة، ويمنح الرأي العام صورة أشمل عن شبكة العلاقات التي أحاطت بإبستين.
حسابات سياسية متصاعدة
يأتي تحرك جونسون وسط ضغط سياسي متزايد داخل الكونغرس، حيث يدفع مشرعون جمهوريون باتجاه الكشف الشامل باعتباره اختباراً للشفافية الحكومية.
وفي المقابل، يلوّح ديمقراطيون ومشرعون معتدلون بمخاوف تتعلق بسلامة الإجراءات وحماية خصوصية الضحايا وعدم تسييس ملفات جنائية حساسة.
ويتقاطع ذلك مع مساعٍ من البيت الأبيض لتجنب التصويت على الإجراء، وفق رواية جمهوريين يرون في الخطوة محاولة لفرض كلفة سياسية على الخصوم.
ويعكس المسار برمّته انقساماً حاداً بين من يقدّم حق الجمهور في المعرفة على أي اعتبار آخر، ومن يضع ضوابط قانونية وأخلاقية كحاجز أمام الإفصاح غير المقيّد
.عُقد قانونية وإجرائيةمن الناحية القانونية، قد يصطدم أي إلزام بنشر “جميع” الملفات بعقبات مستمدة من قانون الخصوصية، واستثناءات قانون حرية المعلومات، وسرية هيئة المحلفين الكبرى بموجب القواعد الفدرالية، إلى جانب التزامات حماية الضحايا.
كما أن نشر ملفات تحقيقية كاملة قد يستدعي مراجعات وتنقيحات واسعة لتجنب التشهير أو الإضرار بمسارات قضائية ومدنية لا تزال مفتوحة.
وقد يجادل مسؤولو وزارة العدل بأن الإفصاح الشامل دون ضوابط سيخلق سابقة مُربكة ويعرّض الوزارة لطعون قضائية.
وفي حال إقرار القانون بصيغة متشددة، قد تُرفع دعاوى لاختبار دستوريته وحدود الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.مسار المشروع واحتمالاتهتعهد جونسون بوضع المشروع على جدول أعمال الأسبوع المقبل، ما يعني تسريعاً لوتيرة المعالجة مقارنة بالتوقعات السابقة.
ورغم أن الجمهوريين يسيطرون على مجلس النواب بأغلبية ضئيلة، فإن نتيجة التصويت ستعتمد على تفاصيل النص، ووجود صيغ توازن بين الشفافية وحماية الخصوصية.
وفي حال مروره في المجلس، ستنتقل المواجهة إلى مجلس الشيوخ حيث قد تتبدل الحسابات السياسية والقانونية. وحتى مع إقرار النص في المجلسين، يظل باب الطعون القضائية مفتوحاً، كما تبقى إمكانية تفاهمات لاحقة قائمة لإقرار نشر انتقائي أو مُنقَّح يراعي الأطر القانونية.
الرهانات والانعكاسات المحتملة
يتجاوز ملف إبستين حدوده الجنائية إلى سؤال أكبر حول ثقة الجمهور بالمؤسسات. فإصدار قانون يُجبر وزارة العدل على النشر الكامل قد يُقرأ كإشارة قوية لصالح الشفافية والمحاسبة، لكنه قد يترك أيضاً تداعيات على حقوق الضحايا وسمعة أشخاص لم تُثبت إدانتهم.
وعلى المستوى السياسي، قد يمنح الجمهوريين منصة لمهاجمة ما يرونه “ثقافة السرية”، فيما يحذر خصومهم من تحويل قضية حساسة إلى أداة تسجيل نقاط.
النتيجة النهائية ستعتمد على ما إذا كان المشرعون قادرين على رسم خط دقيق بين حق المجتمع في المعرفة وحماية الأفراد والنظام القضائي من أضرار إفصاح غير محسوب.










