تشهد مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان في السودان، تصعيدا عسكريا خطيرا، وسط تحركات واسعة النطاق لقوات الدعم السريع (RSF) تمهيدا لهجوم محتمل على المدينة، التي تعد واحدة من أهم المراكز العسكرية واللوجستية للجيش السوداني غربي البلاد.
بحسب تقارير ميدانية ووثائق مسربة تداولتها مصادر عسكرية وصحفيون عبر منصة “إكس”، فقد بدأت قوات الدعم السريع منذ مطلع الأسبوع تحشيد أكثر من 380 مركبة قتالية، بينها عربات رباعية الدفع مزودة بالأسلحة الثقيلة، في محيط الأبيض، مع وصول تعزيزات جديدة من شرق دارفور إلى بابنوسة المجاورة.
تحركات ميدانية واستعدادات هجومية
وأشارت الوثيقة العسكرية (الصادرة بتاريخ 13 نوفمبر 2025) إلى أن التحركات تأتي بعد سقوط مدينة الفاشر في دارفور بيد قوات الدعم السريع، ما أتاح لها إعادة توجيه جزء كبير من قواتها نحو ولايتي شمال وجنوب كردفان.
وفي بيان متداول عبر قنوات تابعة لها، حذرت قوات الدعم السريع المدنيين من الاقتراب من “المواقع العسكرية”، متوعدة بما وصفته بـ”معركة الأبيض الكبرى”.
في المقابل، أعلن الجيش السوداني عن إسقاط طائرات مسيرة هجومية استهدفت مواقع داخل المدينة في 8 نوفمبر، مؤكدا أنه دفع بتعزيزات إضافية من الخرطوم وكوستي لتعزيز خطوط الدفاع.
الوضع الإنساني: خوف ونزوح
تعيش الأبيض حالة من الهلع الشعبي، إذ يخشى السكان تكرار سيناريو الفاشر التي شهدت إعدامات ميدانية وعمليات نزوح جماعي. وأفاد شهود عيان بصعوبة مغادرة المدينة، مع ارتفاع أسعار الوقود والغذاء بشكل حاد خلال الأيام الأخيرة.
ووفق بيانات الأمم المتحدة، تجاوز عدد النازحين من دارفور وكردفان 57 ألف شخص خلال الأسابيع الماضية، في ظل تحذيرات من كارثة إنسانية جديدة إذا تصاعدت العمليات العسكرية.
دبلوماسية متعثرة وهدنة “هشة”
رغم إعلان الدعم السريع قبولها بمقترح هدنة إنسانية بوساطة أمريكية في 6 نوفمبر، فإن التحركات الميدانية تشير إلى غياب أي التزام فعلي بوقف إطلاق النار.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة الوضع في الفاشر وكردفان، وسط تقارير أممية تتحدث عن انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي من جميع الأطراف.
أهمية الأبيض في الصراع
تعتبر الأبيض مفتاح السيطرة على وسط السودان، إذ تقع على طريق استراتيجي يربط الخرطوم بدارفور، وتضم مخازن إمداد رئيسية للجيش السوداني. ويرى مراقبون أن سقوطها – في حال تحقق – سيشكل تحولا جذريا في ميزان الحرب لصالح قوات الدعم السريع.










