الولايات المتحدة تخطط لتقسيم غزة إلى “منطقة خضراء” و”منطقة حمراء” مع إهمال واسع للمدنيين
بين الأحمر والأخضر، يرسم المستقبل الجديد لغزة خطوطه المجهولة. خطة أمريكية سرية تقسم القطاع إلى مناطق متناقضة: واحدة مليئة بالأمل والبناء، وأخرى مهددة بالدمار والمعاناة، فيما الملايين من السكان يترقبون مصيرهم وسط الفوضى والخراب. التفاصيل الكاملة ما زالت غير معلنة، لكن آثار القرار بدأت تتضح على الأرض، تاركة علامات استفهام عن نوايا القوة الدولية ودورها في قلب حياة الفلسطينيين رأساً على عقب
كشفت وثائق عسكرية أمريكية ومصادر مطلعة أن الولايات المتحدة تعد خططاً لتقسيم قطاع غزة على المدى الطويل إلى منطقة خضراء تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية والدولية، حيث تبدأ عمليات إعادة الإعمار، ومنطقة حمراء تُترك مدمرة دون أي خطط لإعادة البناء.

وبحسب الوثائق، ستنشر القوات الدولية أولاً إلى جانب الجيش الإسرائيلي في شرق غزة، مع إبقاء المنطقة الغربية الواقعة خلف ما يعرف بـ“الخط الأصفر” تحت سيطرة جزئية لإسرائيل، مما يترك غالبية الفلسطينيين في مناطق منهكة وغير مزودة بالخدمات الأساسية.
وقال مسؤول أمريكي، مفضلاً عدم الكشف عن هويته: “من الناحية المثالية نرغب في توحيد القطاع بالكامل، لكن هذا مجرد طموح. الأمر لن يكون سهلاً وسيتطلب وقتاً طويلاً.”
وتثير هذه الخطط تساؤلات حول التزام واشنطن بتحويل وقف إطلاق النار الأخير إلى تسوية سياسية دائمة تشمل حكم فلسطيني في غزة، كما وعد الرئيس السابق دونالد ترامب ضمن خطته المؤلفة من 20 نقطة.
خلال الأسابيع الماضية، روجت الولايات المتحدة لإعادة الإعمار عبر “مجتمعات آمنة بديلة” تحصر مجموعات صغيرة من الفلسطينيين، لكنها تخلت عن هذه الخطة مؤخراً. وأكد المسؤول الأمريكي أن تغييرات خطة إعادة الإعمار لم تُبلغ بعد المنظمات الإنسانية، رغم تحذيراتها المتكررة.
وتتضمن الخطط إنشاء قوة استقرار دولية (ISF)، وهو عنصر أساسي في خطة ترامب، على أن تمنح الأمم المتحدة هذه القوة تفويضاً رسمياً قريباً، فيما ستحدد لاحقاً مساهمات الدول المشاركة. وأوضحت الوثائق أن القوات ستقتصر على العمل داخل المنطقة الخضراء، ولن تمتد إلى المناطق الواقعة غرب الخط الأصفر، حيث تعيد حركة حماس فرض سيطرتها.
وتخطط الولايات المتحدة لنشر قوات أوروبية، تشمل بريطانية وفرنسية وألمانية، للقيام بمهام إزالة الألغام، والأمن، والمساعدات الطبية والمستشفيات الميدانية، لكن المصادر تقول إن هذه الخطط تبدو غير واقعية بالنظر إلى تجارب أوروبا السابقة في العراق وأفغانستان، حيث رفض معظم القادة الأوروبيين تعريض جنودهم للمخاطر المباشرة.

وتشير الوثائق إلى أن إعادة الإعمار في المنطقة الخضراء ستكون وسيلة لجذب المدنيين الفلسطينيين إليها، لكن هذا يذكر بما حدث في “المناطق الخضراء” في بغداد وكابول، حيث أصبحت رمزاً لفشل القوات الغربية في حماية المدنيين وتحقيق الاستقرار.
ويؤكد مسؤولون أن الحاجة لإعادة الإعمار عاجلة، إذ تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 80% من المباني في غزة تعرضت للتدمير، بما في ذلك معظم المدارس والمستشفيات. ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في المنطقة الحمراء على مساحة تقل عن نصف القطاع، دون وصول إلى المياه النظيفة أو المأوى المناسب، فيما تفرض إسرائيل قيوداً على دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك أعمدة الخيام، بحجة احتمال استخدامها لأغراض عسكرية.

ويحذر الوسطاء من أن الوضع الحالي في غزة أصبح “لا حرب ولا سلام”، مع استمرار الهجمات الإسرائيلية، وغياب الحكم الفلسطيني الفعلي، وقيود شديدة على إعادة الإعمار، ما يهدد استقرار المنطقة ويزيد من المعاناة الإنسانية.










