وجهت السلطات الروسية تحذيرات مباشرة إلى عدد من الشخصيات العسكرية والاقتصادية السورية المقيمة على أراضيها، أبرزها العميد السابق سهيل الحسن المعروف بلقب “النمر”، إلى جانب ضباط ورجال أعمال من الحلقة الضيقة للنظام السابق، محذرة من أي نشاط سياسي أو أمني قد يستهدف الداخل السوري انطلاقا من موسكو.
التحذير، الذي كشف عنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، يعكس تغيرا في طريقة تعامل روسيا مع حلفاء النظام السابق بعد سقوطه في ديسمبر 2024، وحرصها على تثبيت نفوذها دون السماح بظهور مراكز قوة بديلة.
تفاصيل التحذير: خطوط حمراء روسية
وفق المعلومات، أبلغت موسكو الشخصيات السورية أنها لن تسمح باستخدام أراضيها كمنطلق لمحاولات زعزعة الاستقرار في سوريا. وشددت على أن أي تحركات من هذا النوع “ستقابل بإجراءات حازمة”، تشمل الإبعاد أو التضييق القانوني، في محاولة لإغلاق الباب أمام مشاريع سياسية أو أمنية قد تدعم عودة نفوذ شخصيات من النظام السابق.
ويأتي هذا الإجراء في ظل تقارير تتحدث عن اجتماعات غير رسمية عقدها ضباط سابقون في موسكو، وسط مخاوف روسية من إمكانية استغلال وجودهم لإحياء شبكات قديمة داخل سوريا، خصوصا في الساحل.
سهيل الحسن في الواجهة
يعد سهيل الحسن أكبر المستهدفين بالتحذير، وهو ضابط سابق قاد “قوات النمر” المدعومة روسيا. وبعد انهيار النظام، انتقل الحسن إلى موسكو حيث حافظ على شبكة علاقات وارتباطات مالية وعسكرية، بعضها يمتد إلى عناصر سابقة في “الفيلق الخامس”.
وتتهمه تقارير إعلامية وإقليمية بإدارة شبكات تجنيد وتمويل سرية، ومحاولة لعب دور سياسي عبر التواصل مع مجموعات في الساحل السوري، ما أثار قلق موسكو التي لا تريد أن تتحول أراضيها إلى ساحة تنافس بين “نخب النظام السابق”.
اشتباكات الساحل… وإشارات مقلقة
التحذير الروسي تزامن مع حادثة أمنية بارزة في مارس 2025، حين اندلعت اشتباكات في قرية بيت عانا بريف اللاذقية، مسقط رأس الحسن. وأسفرت المواجهات عن سقوط عشرات القتلى.
ورغم غياب أدلة معلنة على ارتباط الحسن بالحادثة، فقد أعادت الحادثة الجدل حول نشاط ضباط سابقين مقيمين في روسيا، ودورهم المحتمل في محاولة تشكيل نواة تمرد محلي.
رجال الأعمال… شبكة مصالح ممتدة
إلى جانب الضباط، شمل التحذير رجال أعمال بارزين مثل أيمن الجابر ومحمد الجابر، إضافة إلى الدائرة الاقتصادية المرتبطة بـ رامي مخلوف.
وتتخوف موسكو من أن تستخدم ثروات هؤلاء في تمويل مجموعات مسلحة صغيرة أو شراء ولاءات محلية، في لحظة تشهد فيها البلاد هشاشة اقتصادية واسعة.
لماذا تتحرك موسكو الآن؟
الحرص على الاستقرار الهش في سوريا ما بعد 2024، حيث القيادة السورية الجديدة تواجه تحديات أمنية واقتصادية خانقة، وروسيا تسعى لتثبيت وجودها العسكري والسياسي دون السماح بعودة مراكز نفوذ غير منضبطة.
التنافس مع إيران، والذي جزء من الشخصيات المستهدفة يرتبط بشبكات دعم إيرانية، وهو ما يضع موسكو في موقع حرج داخل مناطق النفوذ السورية المشتركة.
قلق من صراع جديد في الساحل السوري حيث تشكل لمناطق الساحلية العمود الأساسي لنفوذ روسيا العسكري، وأي اضطراب فيها يمس مباشرة أمن قواعدها في طرطوس وحميميم.
يشير التحذير إلى أن موسكو أنهت عهد الحماية المفتوحة لرموز النظام السابق، وتسعى لضبط تحركات النخب العسكرية والاقتصادية لمنع أي محاولة انقلاب أو تمرد.
كما ترسل مسكو رسالة تطمين للسلطة السورية الجديدة بأنها ملتزمة بمنع “العوامل المزعزعة للاستقرار” من الخارج، وتوجه رسالة غير مباشرة لطهران بضبط شبكاتها المرتبطة بالضباط السابقين.










