أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف 17 كيانا وفردا وسفينة مرتبطة بصادرات النفط الإيرانية، في خطوة تأتي ضمن تصعيد اقتصادي أوسع تقوده إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف الحد من عائدات النفط التي تقول واشنطن إنها تمول برنامج إيران النووي وأنشطتها الإقليمية.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان إن الجهات المعاقبة تلعب دورا محوريا في تسهيل بيع ونقل النفط الخام والمنتجات البترولية الإيرانية، عبر شبكة واسعة تستخدم أساليب سرية وخادعة، تشمل شركات خدمات بحرية وأسطولا يعرف بـ”أسطول الظل” ووسطاء نفط ينشطون في عدة دول.
وتؤكد واشنطن أن هذه الشبكات لا تدعم فقط الإيرادات الحكومية الإيرانية، بل تهدد أيضا أمن الشحن وحرية الملاحة بنقل ملايين البراميل من النفط في مناطق ذات كثافة مرورية عالية.
من جهته، اعتبر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسانت أن تعطيل الإيرادات النفطية الإيرانية “حاسم” لكبح الطموحات النووية لطهران، مشيرا إلى أن العقوبات الجديدة التي أعلنتها وزارة الخزانة تأتي مكملة لإجراءات وزارة الخارجية.
وقد فرضت هذه العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13846، الذي يقضي بتجميد أصول ومصالح الأفراد والكيانات المستهدفة داخل الولايات المتحدة أو الواقعة تحت سيطرة أشخاص أمريكيين.
استهداف شركات خدمات بحرية سنغافورية
ضمن العقوبات الجديدة، استهدفت واشنطن شركة Strasselink ومقرها سنغافورة، إضافة إلى مديريها، لتقديمهم خدمات إرشاد بحري لعدد من ناقلات شركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية (NITC).
ووفق مسؤولين أمريكيين، قدمت الشركة 13 خدمة إرشادية في الفترة بين يناير وأغسطس 2025، ما أدى إلى تسهيل نقل أكثر من 20 مليون برميل من النفط الإيراني عبر توجيه الناقلات التي تخضع للعقوبات.
عقوبات على شركات تدير الأسطول “الظلي”
كما فرضت عقوبات على خمس شركات في كل من سنغافورة والإمارات العربية المتحدة وفيتنام وجزر مارشال وسيشل لإدارتها ناقلات تنقل ملايين البراميل من النفط الإيراني، مستخدمة ممارسات مثل إطفاء أنظمة التتبع والقيام بعمليات نقل من سفينة إلى أخرى لإخفاء أصل الشحنات.
وشملت العقوبات شركات شحن أبرزها أنبو وأركاديا ماريتايم وإيرث غروب ليمتد، بالإضافة إلى شركات أخرى قالت واشنطن إنها متورطة في تحميل النفط الإيراني على سفن خاضعة للعقوبات.
ضرب شبكة التجارة النفطية
استهدفت العقوبات أيضا ثلاث شركات تجارية في الهند والإمارات لشرائها وبيعها ونقلها منتجات بترولية إيرانية المنشأ، بينها البيتومين ومنتجات أخرى تمثل جزءا مهما من الإيرادات النفطية الإيرانية.
تحديث لائحة “الأفراد المعينين بشكل خاص”
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إضافة مجموعة جديدة من الأفراد والشركات والسفن والطائرات إلى قائمة “المواطنين المعينين بشكل خاص” (SDN)، وهم متهمون بالمشاركة في التحايل على العقوبات النفطية، ودعم شبكات التحويل المالي، وتقديم خدمات لوجستية تعزز أنشطة إيران الإقليمية.
وتشمل قائمة المستهدفين مواطنين من إيران وسنغافورة وماليزيا والهند وبلغاريا، يرتبط بعضهم بشركات خاضعة للعقوبات مثل ماهان للطيران وسبهر للطاقة جهاننامه بارس ويزد الدولية للخطوط الجوية.
ووفق بيان الخزانة، تورط عدد من المستهدفين، بينهم اثنان من سنغافورة، في نقل النفط الإيراني عبر البحر بشكل مباشر، فيما شارك آخرون في شبكات مالية ولوجستية تدعم الحرس الثوري الإيراني ووزارة الدفاع.
تأثيرات اقتصادية وقانونية
وبموجب لوائح العقوبات، سيتم تجميد جميع الأصول التابعة للأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات داخل الولايات المتحدة، كما يحظر على الشركات والأفراد الأمريكيين التعامل معهم دون الحصول على ترخيص خاص.
وأكدت الحكومة الأمريكية أن الهدف من هذه العقوبات هو “تغيير السلوك وليس العقاب”، مشيرة إلى إمكانية رفع الأسماء من قوائم العقوبات في حال تغيير الظروف أو توقف الدعم للنشاطات المستهدفة.
عودة سياسة “الضغط الأقصى”
ويأتي هذا التصعيد في إطار نهج إدارة ترامب التي أعادت سياسة “الضغط الأقصى” تجاه إيران إلى الواجهة، عبر فرض حزم متتالية من العقوبات تستهدف مصادر التمويل الأساسية للحكومة الإيرانية، وفي مقدمتها صادرات النفط وشبكاتها التجارية واللوجستية والمالية متعددة الجنسيات.
وتشير هذه الحزمة الجديدة إلى اتجاه واشنطن نحو توسيع نطاق العقوبات ليشمل لا فقط الشركات الإيرانية، بل أيضا شبكات الدعم الدولية في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا والجزر المحيطية، في محاولة لقطع أي طرق ملتوية قد تستخدمها طهران لتجاوز القيود المفروضة عليها.










