المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يقرر تعليق تطبيق قانون “العفة والحجاب” مؤقتًا خشية هجوم إسرائيلي، بينما يظل القانون ساريًا وتستمر الملاحقات القضائية والمراقبة الصارمة للنساء في مختلف المدن.
طهران،22 نوفمبر 2025 —
أعلن إبراهيم عزيزي، رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أن المجلس الأعلى للأمن القومي قرر تعليق تطبيق قانون “العفة والحجاب” مؤقتًا، بعد تقديرات بوجود احتمال لهجوم إسرائيلي على إيران، وذلك في أعقاب مقتل أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وعملية “الوعد الصادق 2”. وأوضح عزيزي أن الفترة التي أشار إليها كانت الأيام التي سبقت اندلاع “حرب الـ 12 يومًا” بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي.
ووصف عزيزي القانون بأنه “قانون جيد”، مضيفًا: “ندرك الوضع الحالي في المجتمع بشأن الحجاب، لكن لا يمكن تجاهل القضايا الأمنية”.
القانون وسياقه التاريخي
قانون “العفة والحجاب” ساري المفعول وفق المادة 638 من القانون الجنائي الإيراني، التي تجرّم الظهور في الأماكن العامة بدون حجاب. كما أقر البرلمان الإيراني العام الماضي قانون دعم الأسرة لتعزيز العفة والحجاب، الذي يفرض عقوبات أشد تشمل الغرامات والسجن على النساء المخالفات، لكن لم يُطبق بعد بالكامل بسبب الضغوط الداخلية والخارجية.

تطبيق القانون في السنوات الأخيرة لم يعد يعتمد على الشرطة الدينية وحدها، بل توسع ليشمل:
• إغلاق المؤسسات التجارية التي تخدم النساء غير الملتزمات بالحجاب، مثل المقاهي والمطاعم وصالونات الملابس.
• استخدام المراقبة الإلكترونية والعملاء السريون لرصد المخالفات في الأماكن العامة والتجمعات المختلطة بين الجنسين.
• فرض غرامات وملاحقات قضائية، وتهديد النساء اللواتي يظهرن دون حجاب علنًا.
تصعيد الضغوط الأمنية والقضائية
في الوقت نفسه، يواصل النظام الإيراني تكثيف الضغط على النساء، حيث دعا المدعي العام الثوري، علي صالحي، إلى تشديد الرقابة على ملابس المواطنين، مؤكدًا ضرورة التنسيق بين الأجهزة التنفيذية والثقافية والرقابية، واتخاذ “إجراءات حاسمة وسريعة” ضد ما وصفه بـ “شبكات الفساد والدعارة المنظمة المدعومة من الأعداء”.
كما كشف الأمين العام للجنة “الأمر بالمعروف” في طهران، روح الله مؤمن نسب، عن تخصيص أكثر من 80 ألف فرد ضمن قوات “الأمر بالمعروف” لمراقبة ملابس النساء. وقد أعطيت تعليمات للمديرين والموظفين في المؤسسات الحكومية بالالتزام بالقوانين الوطنية المتعلقة بالعفة والحجاب، وفق تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اجتماع المجلس الأعلى للثورة الثقافية بتاريخ 18 نوفمبر 2025.
الملاحقات القضائية وتوسع الرقابة
أفادت تقارير من مركز حقوق الإنسان في إيران (CHRI) أن السلطات أغلقت بين يونيو وأكتوبر 2025 ما لا يقل عن 50 مؤسسة تجارية في طهران ومدن صغيرة مثل بروجرد وكاشان وفاسا وقم وأهواز ودهزفول، بحجة تقديم خدمات للنساء غير الملتزمات بالحجاب، وتمت ملاحقة أصحاب هذه المؤسسات قضائيًا.
كما استهدفت السلطات التجمعات المختلطة، حيث أُغلقت مقاهٍ ومطاعم بسبب تنظيم حفلات موسيقية أو مناسبات مختلطة، واعتقل المشاركون. وأوضح مالك مقهى في أنديمشك، خوزستان، أن العملاء والمالك كانوا تحت مراقبة مستمرة، وأن السلطات استغلت حججًا واهية مثل “بيع الكحول” لتبرير الإغلاق، مع تسجيل مخالفات وإصدار ملاحقات قضائية.
الرقابة الإلكترونية واستخدام التكنولوجيا
أصبحت المراقبة الإلكترونية أداة مركزية لتطبيق الحجاب الإلزامي، باستخدام أجهزة تتبع الهواتف المحمولة (IMSI-Catchers)، وكاميرات المراقبة الحضرية، وقارئات البطاقات الوطنية، لتحديد المخالفات وإرسال رسائل تهديد للنساء عبر مراسلات حكومية رسمية.
ووفقًا لتقارير، أرسلت السلطات عشرات الآلاف من الرسائل التحذيرية للنساء اللواتي تظهرن دون حجاب، وأكدت الشرطة أن العقوبات ستكون “أشد من الخيال”، مع غرامات وإغلاق للمؤسسات المخالفة والملاحقة القضائية للمنظمين.
المقاومة المدنية والتحدي الاجتماعي
رغم هذه الإجراءات القمعية، تستمر المقاومة المدنية النسائية، حيث تعبر النساء عن رفض الحجاب الإجباري باختيار ملابسهن وأسلوب حياتهن في الفضاء العام، على الرغم من المخاطر المتمثلة بالغرامات، والاعتقال، والضغط الاجتماعي. ويشير الخبراء إلى أن القانون، رغم سريانه الرسمي، يُطبق بأساليب متغيرة ومتناقضة بين المدن الكبرى والصغيرة، مع التركيز على الرقابة الاجتماعية وليس على تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.










