يشهد العالم تحولاً اجتماعياً بارزاً في ظاهرة الطلاق، حيث أصبحت النساء في منتصف العمر هن المبادرات بشكل جماعي لإنهاء زيجاتهن، ليس بالضرورة بسبب الخيانة الزوجية، ولكن لأنهن وصلن إلى “حدودهن” في تحمل العبء المنزلي والاجتماعي، وبدأن رحلة البحث عن حياة ذات معنى وتحقيق الذات.
يؤكد هذا التوجه أن الديناميكية التقليدية التي كان فيها الرجل هو من يطلب الطلاق قد تغيرت، مما يترك الأزواج في كثير من الأحيان في حيرة من أمرهم.
وتروي آنا كلارك، البالغة من العمر 41 عاماً، لصحيفة الإندبندنت كيف فاجأ طلب طلاقها زوجها السابق، موضحة: “من المثير للدهشة أنه ظن صمتي اعترافاً بضعفه، بينما كنت في الواقع قد أبعدت نفسي عاطفياً عن الزواج”.
50% من حالات الطلاق تبدأ من النساء
تظهر الأبحاث التي أجرتها شركات قانونية وبنوك استثمارية عالمية أن ما يقرب من 50% من حالات الطلاق أصبحت الآن مُبادرة من قبل النساء.
وتوضح البيانات الأسباب التي تدفع النساء إلى هذا القرار الجذري في منتصف العمر:
56% ينهين زواجهن لأنهن يشعرن بعدم السعادة، دون أن يكون ذلك بالضرورة مرتبطاً بالخيانة.
23% توقفن عن الشعور بالحب.
11% ببساطة لم يعدن يرغبن في قضاء حياتهن مع شخص أصبح بعيداً عاطفياً.
وتجسد قصص مثل قصة كيلي بيك، البالغة من العمر 50 عاماً، الحاجة إلى الحرية الشخصية: “لم يكن زوجي سيئاً، كنا نعيش كزملاء سكن. فضلت أن أختار نفسي وأعيش حياتي كما أريد”.
العبء الأكبر والمكاسب النفسية
تشير المحامية إيلي فوستر إلى أن “العديد من النساء اضطررن إلى التضحية بأجزاء كبيرة من أنفسهن للبقاء في الزواج، والآن يشعرن براحة بال”. هذه الراحة تكتسب أهمية خاصة؛ فالنساء غالباً ما يتحملن العبء الأكبر في رعاية المنزل وإدارة الأسرة، بينما يستطيع الرجال، حتى لو لم يكونوا راضين تماماً، التعايش في زواج “جيد بما فيه الكفاية”.
في المقابل، تؤكد ظاهرة “المرأة السائرة” أن هذا القرار ليس دليلاً على الفشل، حيث تفصح نحو ثلث النساء اللواتي يطلقن في منتصف العمر عن سعادتهن أكثر من أي وقت مضى، كما انخفضت وصمة الطلاق بشكل ملحوظ.
تحديات مالية ونفسية تواجه المطلقات
رغم المكاسب النفسية، تسلط الدراسة الضوء على تحديات الطلاق، بما في ذلك ارتفاع مستويات التوتر والاكتئاب والصعوبات المالية التي تواجهها المطلقات.
تصف جان، البالغة من العمر 57 عاماً، تجربتها كمعيل رئيسي: “عملت محامية، وكنت المعيل الرئيسي. كان زوجي فنانا، وكانت مساهماته المالية ضئيلة. ورغم اختلاف مساهماتنا، اضطررت إلى تقاسم قيمة المنزل ومعاشي التقاعدي”.
ورغم هذه الصعوبات، تصرح الغالبية العظمى من المطلقات بأنهن لا يبحثن بالضرورة عن شريك جديد، بل يرغبن في العيش بحرية ووفقاً لرغباتهن. الطلاق في منتصف العمر لم يعد نهاية المطاف، بل غالباً ما يكون بداية حياة جديدة.










