أطلقت المكتبة الوطنية الإسرائيلية مشروع MiDRASH الدولي لتحويل مخطوطات القاهرة الغنزية إلى نسخ رقمية قابلة للبحث، مستعرضة آلاف المخطوطات العبرية والآرامية التي لم تُدرس من قبل، مسلطة الضوء على دور مصر التاريخي في حفظ التراث اليهودي.
أُطلق مشروع MiDRASH الدولي بهدف تحويل مئات آلاف مخطوطات القاهرة الغنزية إلى نسخ رقمية قابلة للبحث والدراسة، لأول مرة في التاريخ. يشارك في المشروع علماء من مختلف الدول، ويعتمد على تقنيات متقدمة في النسخ الرقمي والتحليل الحاسوبي للمخطوطات العبرية والآرامية، ما يتيح كشف أسرار الأدب اليهودي الوسيط وربط نصوصه بتاريخها الثقافي والاجتماعي. ويُبرز المشروع الدور التاريخي لمصر كمركز حفظ للمعرفة عبر القرون، حيث كانت القاهرة الغنزية شاهدة على آلاف الوثائق والنصوص التي تحاكي حياة المجتمعات اليهودية في العصور الوسطى.

في قلب القاهرة، وعلى مدى أكثر من ألف عام، احتفظ يهود المدينة بمئات آلاف المخطوطات والرسائل وكتب الصلاة في غرفة بمعبد بن عزرا، وسط حرص ديني وحضاري نادر. اليوم، أصبح هذا التراث العالمي في متناول الباحثين والمهتمين، بفضل مشروع دولي حديث للنسخ الرقمي يحمل اسم MiDRASH، الذي حصل على منحة أوروبية بقيمة 11.5 مليون دولار لدراسة المخطوطات العبرية والآرامية والجودو-عربية لأول مرة بشكل شامل.
مصر.. بوابة للحضارة والمعرفة
يُعد هذا المشروع فرصة لإعادة اكتشاف القاهرة الغنزية، التي لعبت دورًا محوريًا في حفظ آلاف النصوص التي كانت قد ضاعت في أماكن أخرى، خصوصًا وأن معظم اليهود في العصور الوسطى عاشوا في مناطق تحت الحكم الإسلامي. المناخ الجاف لمصر ساعد على الحفاظ على المخطوطات، ليبقى هذا الإرث محفوظًا عبر القرون، حتى أصبح اليوم كنزًا حضاريًا عالميًا.
مشروع MiDRASH.. رقمي وتحليلي
يضم المشروع فريقًا دوليًا من علماء الخط القديم واللغويين وخبراء الحاسوب والأدب العبري، يعملون على نسخ رقمي دقيق لأكثر من 400 ألف شظية من القاهرة الغنزية، بالإضافة إلى آلاف المخطوطات الأخرى. ويتيح النسخ الرقمي بحثًا متقدمًا في النصوص وتصنيف الأنواع الأدبية وتتبع الأفكار والاقتباسات عبر القرون.
دانيال شتوكل بن عزرا، أحد الباحثين الرئيسيين بالمشروع، قال:
“القاهرة لم تحفظ التراث فحسب، بل صارت بوابة لفهم تاريخ الفكر اليهودي والعلاقات الثقافية في المنطقة. نسخ المخطوطات رقميًا يسمح لنا بالكشف عن قصص وأفكار لم تُعرف من قبل.”
الوصول إلى العالم كله
ستتاح المخطوطات المرقمنة قريبًا على موقع المكتبة الوطنية الإسرائيلية، مصحوبة بالصور الأصلية لكل مخطوطة، ليتمكن الباحثون والجمهور من الاطلاع عليها بسهولة. كما أطلقت المكتبة حملة Transcribe-a-thon لتشجيع المتطوعين على مراجعة وتحسين النسخ الرقمية، ما يعزز دقة المشروع وتطوير الذكاء الاصطناعي المستخدم فيه.
فخر مصري عالمي
هذا المشروع يبرز دور مصر التاريخي كحاضنة للمعرفة والحضارة، حيث لعبت القاهرة دورًا استثنائيًا في حفظ تراث ثقافي وديني نادر. ليس فقط أن القاهرة كانت مركزًا للتلاقي الفكري لليهود والمسلمين والمسيحيين، بل إنها اليوم تثبت أنها حاضنة للتراث العالمي، تفتح أبواب البحث والاطلاع أمام العلماء من كل أنحاء العالم.
كما أشارت الدكتورة تسافرا سيو، المسؤولة عن المشاريع البحثية بالمكتبة الوطنية:
“بفضل القاهرة، أصبح بإمكاننا طرح أسئلة أكبر وأعمق حول التراث اليهودي، واكتشاف أسرار لم يكن بالإمكان الوصول إليها لولا هذا الإرث المصري الثمين.”











