شهدت غينيا بيساو، التي يسميها الجميع “جمهورية الكوكايين” انقلاب عسكري ضد الرئيس عمر سيسوكو بقيادة الضابط الكبير في الجيش، العميد دينيس نكانها.
لانقلاب الجديد قد يفتح أبواب الجحيم في ظل غياب أي سلطة مركزية أمام ازدهار كارتلات أمريكا اللاتينية، مما سيحول الجزر المعزولة إلى موانئ سرية دائمة، وربما نشهد قريباً “بابلو إسكوبار جديد” يبني إمبراطوريته على أنقاض بيساو.. إذا لم تستعد البلاد رشدها المفقود أصلا وتسيطر على أمنها.
التاريخ الزمني الرئيسي للانقلاب:
جرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 23 نوفمبر 2025 في هدوء نسبي، لكن مع جدل كبير حيث ادعى الرئيس الحالي عمر سيسوكو إمبالو والمرشح المعارض فيرناندو دياز دا كوستا الفوز بنسبة 65% غير رسمية؛ النتائج الرسمية كانت مقررة في 27 نوفمبر، وتم استبعاد الحزب الرئيسي للمعارضة PAIGC بسبب خلافات قانونية.
الأحداث العسكرية في 26 نوفمبر 2025:
سمع إطلاق نار مكثف قرب القصر الرئاسي واللجنة الانتخابية ووزارة الداخلية في العاصمة بيساو؛ شهود أفادوا بسيطرة عسكريين مسلحين على الشوارع، وفرض حظر تجوال، وإغلاق المطار والحدود البرية والجوية.
اعتقال الرئيس:
وفي الساعة:00 :13 بتوقيت غرينتش :00 15 بتوقيت بيساو)، أُعلن اعتقال إمبالو داخل مكتبه في القصر الرئاسي دون عنف، كما أكد هو نفسه في مكالمة هاتفية مع مجلة “جون أفريك”، مشيراً إلى أن الانقلاب قاده رئيس أركان الجيش، وأنه نجا سابقا من ثلاث محاولات انقلابية أخرى خلال ولايته.
إعلان الانقلاب:
أعلن الضابط الكبير في الجيش، العميد دينيس نكانها (رئيس مكتب الحرس الرئاسي سابقاً)، عبر التلفزيون الرسمي تشكيل “القيادة العسكرية العليا لاستعادة الأمن الوطني والنظام العام”، مؤكدا السيطرة الكاملة على البلاد حتى إشعار آخر، وتعليق العملية الانتخابية وجميع مؤسسات الدولة (بما في ذلك البرلمان والقضاء)، مع فرض حظر تجوال؛ وصف البيان الانقلاب بأنه رد على “مؤامرة تخريبية” شارك فيها سياسيون و”بارون مخدرات معروف“.
الاعتقالات البارزة:
تم اعتقال الرئيس إمبالو، رئيس أركان الجيش الجنرال بياغو نا نتان، نائبه الجنرال مامادو توري، ووزير الداخلية بوتشي كاندي؛ هذه الاعتقالات تشير إلى انقسام حاد بين الرئاسة والقيادة العسكرية، التي تعتبر تاريخيا “الحكم الفعلي” في غينيا بيساو.
السياق العام:
– غينيا بيساو، التي استقلت عن البرتغال عام 1974، تعاني من فقر مدقع (واحدة من أفقر دول العالم بناتج إجمالي أقل من 2 مليار دولار)، فساد سياسي مزمن، ودورها كـ”معبر رئيسي لتهريب المخدرات” بين أمريكا اللاتينية وأوروبا، حيث يُقدر مرور نحو 40 طن من الكوكايين سنوياً عبر غرب أفريقيا، معظمها من خلال غينيا بيساو كمركز لوجستي رئيسي بسبب ضعف السيطرة الحدودية والجزر النائية؛ شهدت 9 انقلابات أو محاولات منذ الاستقلال، آخرها في 2022 و2023 ضد إمبالو نفسه، الذي تولى السلطة عام 2020 بعد انقلاب سابق.
الأسباب المباشرة:
– يرتبط الانقلاب بالتوتر الانتخابي، حيث اتهم إمبالو المعارضة بالتآمر، بينما اتهمه منتقدوه بـ”صناعة أزمات” لقمع المعارضة؛ كما يعكس محاولات إمبالو لتركيز السلطة وإعادة تشكيل الخدمات الأمنية، مما أثار غضب الطبقة السياسية والعسكرية.
علاقة الرئيس المعزول عمر سيسوكو إمبالو بفرنسا:
– كضابط عسكري سابق (وصل إلى رتبة لواء عام قبل تقاعده عام 2012)، درس إمبالو في فرنسا إلى جانب دول أخرى مثل اليابان وإسبانيا وبلجيكا وإسرائيل وجنوب أفريقيا، مما يعكس خلفيته التعليمية والعسكرية الفرنسية كجزء من تدريباته الدولية؛ ومع ذلك، تبنت غينيا بيساو سياسة خارجية غير منحازة تحت قيادته، مع تقارب أكبر مع روسيا (زيارة رسمية في فبراير 2025 وعرض عسكري في موسكو عام 2024) والصين، واجتماعات مع الرئيس الأمريكي ترامب في يوليو 2025، لكن الروابط التاريخية مع فرنسا كدولة استعمارية سابقة (عبر البرتغال) تبقى قائمة في التعاون الأمني والدبلوماسي، خاصة في مكافحة المخدرات.
التفاعلات الدولية والمحلية:
الشوارع في بيساو فارغة، والتاريخ يشير إلى تدخلات سابقة؛ الولايات المتحدة وفرنسا تتابعان الوضع بسبب دور البلاد في مكافحة المخدرات؛ المعارضة لم تعلق بعد.
التأثيرات المحتملة:
قد يؤدي الانقلاب إلى أزمة إنسانية في بلد يعتمد على الزراعة والصيد، وقد يشعل توترات عرقية أو قبلية؛ الوضع متطور، وقد يتغير مع إصدار نتائج الانتخابات أو تدخلات دولية، خاصة مع مخاوف من تفاقم دور غينيا بيساو كـ”دولة مخدرات” إذا استمر الاضطراب.










