رحيل الإعلامية المصرية الشابة هبة الزياد بشكل مفاجئ خلال نومها هز الوسط الإعلامي والجمهور، وحوّل قصتها في أيامها الأخيرة إلى محور نقاش واسع حول ضغوط المهنة وغموض ما سبق الوفاة من تهديدات وابتزاز ورسائل غامضة على منصات التواصل.
فبين مسيرة مهنية لافتة قدّمت خلالها أكثر من 30 برنامجًا، وصعود سريع على شاشة الفضائيات، انتهت حكاية مذيعة عُرفت بجرأتها في طرح قضايا المرأة والأسرة وهي في ذروة حضورها المهني والاجتماعي.
لحظة الإعلان وتفاصيل الوفاة المفاجئة
جنازة هبة الزياد شُيّعت بهدوء من الإسكندرية ودفنت في مقابر العائلة قبل أن يُعلن خبر الوفاة رسميًا، في خطوة فسّرها مقربون بأنها تعبير عن حالة الصدمة التي سيطرت على الأسرة.
الحساب الرسمي للإعلامية على فيسبوك نشر بيان الوفاة فجر الخميس 27 نوفمبر 2025، في منشور قصير أكد رحيلها من دون الدخول في تفاصيل مطولة، ما ضاعف حالة التساؤل بين متابعيها.
مصادر طبية وإعلامية متطابقة أشارت إلى أن الوفاة حدثت أثناء النوم نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى توقف مفاجئ في القلب، مع تأكيد أنها لم تكن تعاني من أمراض مزمنة معلنة أو مشاكل صحية واضحة في الفترة الأخيرة.
تقارير أخرى ذكرت أنها كانت تشعر بإرهاق شديد واعتذرت قبل أيام عن تصوير حلقة جديدة من برنامجها، ما اعتُبر مؤشرًا على ضغط بدني ونفسي متراكم سبق لحظة الوفاة.
مسيرة مهنية قصيرة وحضور لافت
خلال نحو 15 عامًا بنت هبة الزياد مسيرة إعلامية سريعة، متنقلة بين عدد من القنوات المصرية وقدمت ما يزيد على 30–32 برنامجًا متنوعًا شملت قضايا اجتماعية وثقافية وعلمية وفنية وأسرية.
عُرفت لدى المتابعين بأسلوبها المباشر والصريح في تناول الملفات الحساسة المرتبطة بالمرأة، والعلاقات الأسرية، والظواهر الاجتماعية المثيرة للجدل، ما منحها جمهورًا واسعًا وأحيانًا وضعها في قلب عواصف نقدية.
من أبرز ما عُرفت به برامج مثل “العالم السابع” إضافة إلى أعمال أخرى على قنوات مختلفة، ثم ظهورها الأحدث على شاشة قناة الشمس في برنامج “ترند TV” خلال موسم 2025 حيث واصلت مناقشة قضايا اجتماعية وفنية بصياغة تفاعلية تستهدف جمهور المنصات الرقمية.
مصادر قريبة ذكرت أنها كانت تحضر لإطلاق برنامج جديد بعنوان “البروفيسرة” بعد تسجيل عدد كبير من الحلقات، قبل أن يتوقف المشروع برحيلها المفاجئ.
سيرة شخصية وتعريف ذاتيهبة الزياد قدّمت نفسها عبر صفحتها الرسمية بوصفها “إعلامية مصرية معروفة تشتهر بالجرأة والصراحة في تناول القضايا الاجتماعية التي تمس المرأة والأسرة والعلاقات”، وهي صورة دعمتها طبيعة الحلقات التي كانت تقدمها والأسئلة المباشرة التي تطرحها على ضيوفها.
تمتلك خلفية أكاديمية قوية؛ إذ حصلت على بكالوريوس إعلام – قسم إذاعة وتلفزيون – بتقدير متميز، واستكملت دراساتها العليا في مجالات إعلامية وإنسانية متعددة، ما ساعدها على بناء محتوى يجمع بين الطابع الجماهيري والمرجعية العلمية.
مقالات رثائها ركزت على أنها كانت في “ذروة منحنى الصعود المهني”، تجمع بين تقديم البرامج، والتدريس والتدريب الإعلامي، والمشاركة في فعاليات مرتبطة بتمكين المرأة، وهو ما جعل خبر رحيلها في أواخر العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات من عمرها صادمًا على مستوى التوقيت والدلالة.
تهديدات وابتزاز وغموض الأيام الأخيرة
تقارير صحفية عربية كشفت عن أن الأيام الأخيرة في حياة هبة الزياد لم تكن هادئة، إذ تحدثت عن تعرضها لـ”تهديد وابتزاز من مجهول” يتعلق بمحتوى شخصي ورسائل حاولت من خلالها الاستنجاد بالقانون والرأي العام.
هذه الروايات، وإن لم تُحسم رسميًا حتى الآن، فتحت باب التأويل حول حجم الضغط النفسي الذي كانت تمر به المذيعة الشابة في الفترة السابقة على وفاتها، بعيدًا عن الجانب الطبي البحت.
في موازاة ذلك، أعاد متابعون نشر مقتطفات من منشوراتها الأخيرة التي حمل بعضها إشارات عن تعب نفسي وتأملات في العلاقات المؤذية و”الابتعاد عن الكائنات السامة”، وهو ما قرأه البعض بصفته مؤشرًا على صراع داخلي لا يقل قسوة عن أي أزمة صحية.
هذه العناصر مجتمعة جعلت قضية رحيلها محور نقاش لا يقتصر على سبب الوفاة الطبي، بل يمتد إلى أسئلة عن التحرش الإلكتروني، والابتزاز، وضغوط الشهرة على المذيعات الشابات.
صدى الرحيل وأسئلة المهنة
الوسط الإعلامي المصري والعربي تفاعل بقوة مع خبر الوفاة؛ مذيعون وفنانون شاركوا قصصًا شخصية عن تعاونهم مع هبة الزياد، واصفين إياها بأنها مجتهدة، طموحة، ومخلصة لعملها، وأنها كانت تخطط لمشروعات إعلامية جديدة قبل رحيلها بأيام.
منصات الأخبار ومواقع التواصل امتلأت بصور وفيديوهات من حلقاتها الأخيرة، خاصة تلك التي تحدثت فيها عن حبها لحياتها التلفزيونية واعتزازها برحلتها المهنية، ما أضفى على المشهد مسحة درامية
في المقابل، حاول بعض التقارير الصحية استثمار حالة التعاطف لتوعية الجمهور بأعراض الهبوط الحاد في الدورة الدموية ومخاطره، مشددة على أن الإهمال في التعامل مع الإرهاق والضغط يمكن أن يقود إلى نتائج قاتلة حتى لدى الشباب.
وبين مسار مهني صاعد انقطع فجأة، وغموض يلف الجانب النفسي والقانوني في أيامها الأخيرة، تبدو حكاية هبة الزياد مرشحة لأن تبقى علامة فارقة في النقاش حول بيئة عمل الإعلاميات الشابات والضريبة الخفية للوجود الدائم تحت ضوء الكاميرا.










