في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، خاصة بعد هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر ودعمهم المعلن لـ”المقاومة” في لبنان، تصاعدت في الأيام الأخيرة حملة يمنية رسمية وشعبية لمطالبة السلطات اللبنانية بإغلاق المنابر الإعلامية التابعة لجماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي تعمل من الضاحية الجنوبية في بيروت.
وتتضمن هذه المنابر، مثل قناة “المسيرة” و”الساحات”، بحسب السلطات اليمنية، بث خطاب كراهية طائفي وتحريض على العنف وتشويه الواقع اليمني، بما يغذي الصراع الداخلي ويهدد الأمن الإقليمي. ويعد الدعم الإيراني المباشر لهذه المنابر جزءا من استراتيجية أوسع لتصدير التوترات عبر ما يعرف بـ”محور المقاومة”.
مطالب رسمية متكررة
في 26 نوفمبر 2025، جدد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، خلال كلمته في دورة مجلس وزراء الإعلام العرب بجامعة الدول العربية، المطالبة بوقف فوري لأنشطة هذه المنابر، واصفا إياها بـ”الآلة الإعلامية التحريضية” التي تعمل ضمن غرفة عمليات إيرانية تهدف إلى “تزييف الوعي، شرعنة العنف، وتأجيج الصراعات الطائفية”. وشدد الإرياني على أن استمرارها يمثل “اختراقا خطيرا للأمن القومي العربي”، داعيا إلى موقف عربي موحد لمواجهتها، ومعتبرا أن “المعركة الإعلامية لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية”.
ولم تعد هذه المطالب جديدة؛ ففي أبريل 2023، أغلقت السلطات اللبنانية مكاتب “المسيرة” و”الساحات” مؤقتا بعد شكاوى من السعودية واليمن، لكنها عادت للعمل دون ترخيص رسمي. كما سبق أن طالب وزير الإعلام اليمني في يوليو 2021 بوقف الدعم الإعلامي الذي يقدمه حزب الله للحوثيين من بيروت، وفي فبراير 2025 دعا الإرياني إلى اعتقال الحوثيين الوافدين إلى لبنان للمشاركة في تشييع حسن نصر الله، معتبرا ذلك انتهاكا للسيادة اليمنية.
دور المنابر الإعلامية الحوثية
تعد هذه المنابر جزءا من المنظومة الإعلامية الحوثية التي تسيطر عليها إيران، وتشمل قنوات تبث أناشيدا عسكرية، برامج ترويجية للتجنيد، وخطابا طائفيا يستهدف “السنة” في اليمن والمنطقة. وتشير تقارير إلى أنها تستخدم لتبرير هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية والغربية، ودعم غزة كغطاء للتصعيد الإقليمي. وفي اليمن، سجلت منظمة “مراسلون بلا حدود” حوالي 200 موقع إخباري محظور من قبل الحوثيين، بينما يسيطرون على الإعلام في صنعاء لنشر ما يوصف بـ”الدعاية الإرهابية”.
الجدل وردود الفعل
تصاعد الجدل مؤخرا مع تصريحات إيرانية تدعم “الجبهة اللبنانية”، حيث يرى مراقبون يمنيون أن الحوثيين يسعون للحفاظ على نشاط هذه الجبهة لتبرير عملياتهم في البحر الأحمر. ونفت مصادر لبنانية وجود إغلاق فوري، مشيرة إلى أن أكثر من 50 قناة تبث من لبنان دون ترخيص، لكن الضغط الدولي يتزايد، خاصة من السعودية والإمارات والولايات المتحدة.
وحذر الاتحاد الأوروبي من “التعامل مع الحوثيين كشركاء سياسيين”، معتبرا أن دعمهم للتصعيد في لبنان يمثل خطرا إقليميا. ويعد هذا الجدل مؤشرا على تحول الصراع اليمني إلى أداة إقليمية، حيث يسعى الحوثيون للاستفادة من التوترات في لبنان لتعزيز نفوذهم، بينما ستكون استجابة السلطات اللبنانية حاسمة في تحديد ما إذا كانت بيروت ستحمي سيادتها أم تظل مرتعا للدعاية الإعلامية الإرهابية.










