مباراة النصر ضد شباب الأهلي في إياب ربع نهائي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي تحولت إلى واحدة من أكثر مواجهات الكؤوس درامية هذا الموسم، بعد أن نجح النصر في قلب تأخره من خسارة الذهاب إلى انتصار مثير في الإياب امتد لركلات الترجيح، حسمت بطاقة العبور إلى نصف النهائي لصالح «العميد» في دبي.
اللقاء أعاد رسم موازين القوة مؤقتًا بين الطرفين بعد تفوق شباب الأهلي في مواجهات سابقة بالدوري والكأس، وفتح باب الأسئلة عن جاهزية «الفرسان» نفسيًا وتكتيكيًا في مباريات الإقصاء المباشر.
سيناريو المباراة وتقلب النتيجة
مباراة الإياب أقيمت على استاد آل مكتوم مساء السبت، ضمن مرحلة خروج المغلوب في كأس دوري الإمارات (كأس مصرف أبوظبي الإسلامي)، بعد أن حسم شباب الأهلي مواجهة الذهاب على ملعبه بنتيجة 2-1 لصالحه، ما منحه أفضلية نظرية قبل ضربة البداية.
النصر دخل اللقاء بشعار «لا بديل عن الفوز»، واضطر للهجوم منذ الدقائق الأولى لتعويض فارق الهدف، معتمدًا على الضغط العالي واستغلال مساحات خلف أظهرة شباب الأهلي.
مع نهاية الشوط الأول كانت لوحة النتيجة تُظهر تقدم النصر 2-1، وهي نفس نتيجة الذهاب لكن بالاتجاه المعاكس، ما جعل مجموع المباراتين 3-3 وأدخل الفريقين في حسابات دقيقة في الشوط الثاني، بين البحث عن هدف ثالث يحسم الأمور أو الذهاب إلى ركلات الترجيح.
استمرت الندية في الشوط الثاني دون أن ينجح أي فريق في تسجيل هدف إضافي، ليتّجه اللقاء إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت في النهاية للنصر بنتيجة 3-2، وسط حالة صدمة واضحة على وجوه لاعبي شباب الأهلي وجماهيرهم.
خلفية ما قبل اللقاء وضغوط الفريقين
السياق قبل المباراة كان مختلفًا لكلا الطرفين؛ النصر يعيش موسمًا متذبذبًا في دوري أدنوك للمحترفين، يحتل فيه مركزًا في منتصف الجدول مع تراجع واضح في نتائجه الأخيرة، ما جعل بطولة الكأس أملًا رئيسيًا لإنقاذ موسمه.
خروج الفريق من كأس رئيس الدولة في وقت سابق زاد من الإلحاح على تحقيق نتيجة إيجابية في كأس الرابطة، حتى لا يجد نفسه خارج سباق الألقاب مبكرًا على كل الجبهات.
في المقابل، دخل شباب الأهلي المواجهة بأريحية نسبية بعد تقدمه في الذهاب 2-1 مستفيدًا من تألق البرازيلي ماتيوس دياس ورفاقه في الخط الهجومي، لكن الاعتماد على أفضلية الذهاب دون الحسم في الإياب تكرر كخطأ ذهني وفني في أكثر من مناسبة سابقة.
كما أن جدول الفريق المزدحم محليًا وقاريًا جعل الجهاز الفني يلجأ إلى تدوير جزئي للتشكيل، وهو ما اعتبره بعض المتابعين أحد أسباب هبوط التركيز في فترات حاسمة من لقاء الإياب.
أداء النصر: روح تعويض وثبات أعصابالنصر أظهر شخصية مغايرة عن صورته المهزوزة في الدوري؛ فالفريق لعب بقوة بدنية عالية وحافظ على تنظيمه الدفاعي مع انضباط في خط الوسط، ما سمح له بقطع كثير من الكرات وبناء هجمات منظمة.
بصمة المدرب ظهرت في اختيار توقيت الضغط والانتقال السريع من الدفاع للهجوم، إضافة إلى استغلال الكرات العرضية والثابتة التي أزعجت دفاع شباب الأهلي
في لحظة ركلات الترجيح، بدا النصر أكثر هدوءا وثباتًا، مستفيدًا من دعم جماهيره على ملعب آل مكتوم، التي تعاملت مع اللقاء كفرصة لمصالحة نسبية مع الفريق بعد أداء متراجع في الدوري.
نجاح حارس النصر في التصدي لركلات حاسمة، وتسجيل لاعبيه بثقة، منح «العميد» بطاقة التأهل إلى نصف النهائي وأعاد الأمل في موسم يمكن إنقاذه عبر بوابة الكأس.
سقوط شباب الأهلي وأسئلة ما بعد الإقصاء
خروج شباب الأهلي من ربع النهائي مثّل ضربة معنوية للفريق الذي اعتاد في السنوات الأخيرة أن يكون طرفًا ثابتًا في أدوار الحسم في بطولات الكأس والدوري.
جماهير «الفرسان» اعتبرت أن السيناريو تكرر بين الاعتماد على نتيجة الذهاب وعدم إغلاق المباراة في الإياب، مع أخطاء فردية في التمرير والتمركز وقرارات فنية تتعلق بالتغييرات وتوقيتاتها.
الأرقام التاريخية تشير إلى أفضلية طفيفة سابقة لشباب الأهلي على النصر في هذه البطولة، لكنه في هذه المرة لم ينجح في ترجمة تلك الأفضلية إلى تأهل جديد، رغم امتلاكه أسماء هجومية قادرة على الحسم في لحظة واحدة.
هذا الإقصاء قد يفتح باب مراجعة أعمق داخل النادي حول جاهزية الفريق نفسيًا في مباريات خروج المغلوب، خاصة أن الطموحات الجماهيرية لا تقف عند حدود المنافسة المحلية فقط، بل تمتد آسيويًا أيضًا.
تأثير النتيجة على مسار الموسم
تأهل النصر إلى نصف نهائي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي يمنحه دفعة معنوية قوية قبل استئناف مبارياته في الدوري، ويمنح الجهاز الفني ورقة قوية داخل غرفة الملابس عنوانها أن الفريق قادر على الفوز أمام الكبار متى حضر التركيز.
كما يرفع من قيمة البطولة لدى الإدارة والجمهور، بوصفها فرصة حقيقية للصعود إلى منصة التتويج بعد سنوات من الغياب عن الألقاب الكبرى.
على الجانب الآخر، يزيد خروج شباب الأهلي من حجم الضغوط على لاعبيه وجهازه الفني في بقية الموسم، حيث يصبح لزامًا عليه تعويض هذا الإخفاق عبر نتائج أفضل في دوري أدنوك وفي المشاركات القارية، حتى لا يُختتم الموسم بحصيلة أقل من طموحات النادي وإمكاناته المالية والبشرية.
ومع اشتعال نقاشات الجماهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي عقب المباراة، يبدو أن ملف «دارة المباريات الكبيرة» داخل شباب الأهلي سيبقى تحت المجهر في الأسابيع المقبلة.










