في حادثة تُعدّ من أكبر الانتكاسات التي يتعرض لها برنامج الصواريخ الباليستية الروسية في السنوات الأخيرة، وقع انفجار عنيف قرب قاعدة ياسني الجوية في مقاطعة أورينبورغ بعد فشل اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات، يُرجّح أنه من طراز RS-28 “Sarmat” المعروف باسم “الشيطان 2”.
وبحسب مصادر روسية مفتوحة وتحليلات خبراء عسكريين، فقد انحرف الصاروخ عن مساره بعد ثوانٍ من الإقلاع قبل أن ينفجر على ارتفاع يتراوح بين 200 و400 متر فوق المنطقة، مما أدى إلى انبعاث سحابة ضخمة من الدخان الأرجواني السام شوهدت من مسافات بعيدة. ولم تُصدر وزارة الدفاع الروسية بياناً رسمياً حول الحادث حتى الآن.
انفجار مرئي على بعد أميال… ودخان سام
أظهرت تسجيلات فيديو نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي لحظة الإطلاق ثم فقدان السيطرة، قبل الانفجار الذي أحدث كرة نارية ضخمة أعقبها دخان أرجواني—يُعتقد أنه ناتج عن احتراق وقود صاروخي شديد السمية مثل الهيبتيل ورباعي أكسيد النيتروجين.
وأكّد سكان محليون لوكالة “أسترا” الروسية أنهم شعروا بارتجاج عنيف ورأوا دخاناً غير معتاد فوق المنطقة. ولم تُعلن السلطات عن وقوع إصابات.
هل كان اختباراً لصاروخ سارمات؟
يرجّح محللون متخصصون في أنظمة السلاح أن الحادثة تتعلق بصاروخ سارمات الجديد، استناداً إلى شكل الإطلاق ومظهر الصاروخ، البيانات الكيميائية للدخان، تحديثات الصوامع الأخيرة في القاعدة’ وجود إشعارات طيران مرتبطة ببرنامج الاختبارات
وإذا تأكد ذلك، فسيكون هذا رابع اختبار فاشل للصاروخ منذ 2022، في وقت كانت موسكو تأمل فيه إدخاله الخدمة الفعلية خلال 2023–2024.
لكن بعض الخبراء الآخرين يرون احتمالاً أقل، مرجّحين أن يكون الإطلاق لصاروخ UR-100N مزود برأس انزلاقي فرط صوتي من طراز أفانغارد.
تداعيات بيئية مثيرة للقلق
يحذر خبراء البيئة من أن الدخان الأرجواني قد يشكل خطراً صحياً على القرى القريبة، خصوصاً نظراً لكون مواد الوقود الصاروخي الروسية شديدة السمية وقد تسببت بحوادث تلوث في اختبارات سابقة.
ضعف متكرر في برنامج الردع الروسي
تأتي هذه الحادثة بينما يعاني برنامج سارمات من مشكلات تقنية متكررة، أبرزها انفجار صومعة في بليسيتسك عام 2024، وفشل اختبارات سابقة رغم ميزانية بمليارات الدولارات، وصعوبة تأمين مكونات عالية التقنية بسبب العقوبات الغربية
ويشير محللون عسكريون إلى أن تكرار الإخفاقات يقوّض الثقة في جاهزية الثالوث النووي الروسي، خاصة مع تكثيف موسكو خطابها النووي تجاه أوكرانيا وحلف الناتو.
بينما تلتزم موسكو الصمت حتى اللحظة، يرى مراقبون أن الحادث يزيد من الضغط على الكرملين الذي وعد بنشر صاروخ “سارمات” على نطاق واسع بحلول 2026، في وقت تُظهر فيه الولايات المتحدة نجاحاً متكرراً في تجاربها الباليستية خلال الأشهر الأخيرة.










