في تطور درامي يُعتبر غير مسبوق في التاريخ السياسي الإسرائيلي، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الأحد 30 نوفمبر 2025، طلبًا رسميًا للعفو إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ، في محاولة لإنهاء المحاكمة الجنائية الطويلة التي يواجهها بتهم الفساد.
يأتي هذا الطلب بعد أسابيع من رفض نتنياهو تقديم مثل هذا الإجراء إذا كان يتطلب الاعتراف بالذنب، مما يعكس تحولًا في موقفه ربما بسبب الضغوط السياسية والأمنية الداخلية.
فساد نتنياهو
يواجه نتنياهو منذ عام 2019 ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بالفساد، تشمل الرشوة، الاحتيال، والخيانة في الثقة. المحاكمة مستمرة منذ سنوات، ووصل إليها نتنياهو للشهادة الشخصية، لكنه يصفها بـ”محاكمة سياسية” تهدد الوحدة الوطنية.
ويتكون الطلب من 14 صفحة، مرفقة بمستندات مثل لائحة الاتهام نفسها. يشمل:رسالة تفصيلية موقعة من محاميه عميت حداد.
رسالة شخصية من نتنياهو، يعبر فيها عن “مسؤوليته العامة” ورغبته في “تحقيق المصالحة الوطنية”، دون الاعتراف بالتهم أو الاعتذار عنها.
ويؤكد نتنياهو أن إنهاء المحاكمة “فورًا” سيقلل من الانقسامات الداخلية ويعزز التركيز على التحديات الأمنية، خاصة بعد “الإنجازات” في مواجهة حماس وإطلاق سراح الرهائن.
ماهي الخطوات القادمة؟
وفق الإجراءات الإسرائيلية، تم تحويل الطلب إلى قسم العفو في وزارة العدل، حيث سيتم جمع الآراء القانونية من الجهات المعنية (مثل المدعي العام والمستشارة القانونية في ديوان الرئيس)، بعد ذلك، سيدرس هرتسوغ الطلب “بمسؤولية وجدية”، مع الإشارة إلى أنه “استثنائي وله تداعيات كبيرة”.
عادةً، يتطلب العفو اعترافًا بالذنب، لكن الظروف السياسية قد تسمح باستثناءات.
الدور الأمريكي: ضغط ترامب
ويُعد الطلب تتويجًا لرسالة أرسلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى هرتسوغ قبل أسبوعين، يطلب فيها صراحة عفوًا عن نتنياهو، معتبرًا القضايا “غير مبررة سياسيًا”.
وأعرب نتنياهو عن “امتنانه” لترامب، الذي أكد دعمه “اللامشروط” لإسرائيل أثناء خطاب أمام الكنيست.
رد هرتسوغ حينها بأن أي طلب يجب أن يكون رسميًا، مما مهد الطريق لهذا التطور.
انقسام داخل إسرئيل
وأثار الطلب جدلاً حادًا داخل إسرائيل، مع انقسام واضح بين الحكومة والمعارضة حيث وصف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الاتهامات بـ”الملفقة”، واعتبر العفو “إجراءً صحيحًا وعاجلاً” لإنهاء “الحرب القانونية”.
فيما زعيم المعارضة يائير لابيد وصف الطلب بـ”دليل إدانة”، ودعا هرتسوغ إلى الرفض دون اعتراف بالذنب أو تقاعد نتنياهو السياسي. كما حذر آخرون من أنه “تهرب من العدالة تحت ستار القلق الوطني”.
يعكس الجدل الشرخ العميق في المجتمع الإسرائيلي، حيث يرى مؤيدو نتنياهو فيه ضحية لـ”صيد ساحرات”، بينما يراه معارضوه محاولة للإفلات من المساءلة.
هذا الحدث يمثل لحظة حاسمة في مسيرة نتنياهو، الذي يُعد أطول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل (أكثر من 18 عامًا)، وقد يحدد مصيره السياسي في ظل التوترات الإقليمية المستمرة. سيتابع العالم كيف يتعامل هرتسوغ مع هذا الطلب، الذي قد يعيد تشكيل التوازن بين السلطات في إسرائيل.










