عطل يتكرر ورسوم ترتفع: هل يفقد إنستاباي ثقة المصريين في الدفع الرقمي؟
إنستاباي يعيش واحدة من أكثر فتراته جدلًا منذ إطلاقه، بعد مزيج من الأعطال المتكررة وعودة الخدمة، وقرارات رسمية بتطبيق رسوم على التحويلات والفواتير، مع توسع ملحوظ في عدد المستخدمين وحدود التحويل والربط مع البنوك والمحافظ.
إنستاباي هو تطبيق للتحويلات اللحظية أطلقه البنك المركزي المصري ضمن المنظومة الوطنية للمدفوعات، ويتيح ربط أكثر من حساب بنكي في تطبيق واحد، وتنفيذ التحويلات على مدار 24 ساعة بين البنوك والمحافظ وبطاقات ميزة في ثوانٍ.
عدد مستخدميه تخطى 12 مليون مستخدم بنهاية 2024، ما جعله الأداة الأبرز لتحويل الأموال بين الأفراد والشركات في مصر، وأحد أعمدة خطة التحول نحو مجتمع أقل اعتمادًا على الكاش.
الرسوم الجديدة على التحويلات والفواتير
أبرز تطور في 2025 كان بدء تطبيق رسوم على التحويلات عبر إنستاباي اعتبارًا من 1 أبريل 2025، بعد فترة إعفاء امتدت منذ تدشين الخدمة قبل 3 سنوات
وفق التحديثات الأخيرة من البنك المركزي والشبكة المشغّلة:رسوم التحويل: 0.1% من قيمة المعاملة، بحد أدنى 50 قرشًا وبحد أقصى 20 جنيهًا لكل عملية.
أول 10 عمليات استعلام عن الرصيد أو كشف حساب مختصر شهريًا مجانًا، ثم تُفرض رسوم 50 قرشًا لكل استعلام إضافي.
كما أُضيفت رسوم على سداد فواتير الإنترنت وغيرها داخل التطبيق باعتبارها تحويلات بنكية تخضع لنفس نسبة الرسوم وحدودها.
هذه الخطوة بررها البنك المركزي بأنها ضرورية لضمان استدامة الخدمة وتمويل تطوير البنية التكنولوجية وتحسين الجودة، لكن كثيرًا من المستخدمين اعتبروها تحولًا من “خدمة تشجيعية” إلى عبء مالي جديد عليهم.
حدود التحويل الجديدة وتشدّد الرقابة
حدود التعامل عبر إنستاباي أصبحت أكثر وضوحًا وتقييدًا بعد تحديثات البنك المركزي في 2025، بهدف ضبط حركة الأموال وتقليل مخاطر الاستخدام غير المشروع.
الحد الأقصى للمعاملة الواحدة: 70 ألف جنيه.الحد الأقصى للمعاملات اليومية: 120 ألف جنيه.الحد الأقصى للمعاملات الشهرية: 400 ألف جنيه لكل عميل.
كما أُعلن عن تعليمات أكثر صرامة بشأن تصحيح التحويلات الخاطئة واسترجاع الأموال، بعد شكاوى متزايدة من تحويل مبالغ عن طريق الخطأ، مع توجيه البنوك باتباع إجراءات محددة وسريعة لمعالجة هذه الحالات.
هذه السياسات تعكس توازنًا بين تشجيع التحويل اللحظي وبين الالتزام بقواعد مكافحة غسل الأموال وحماية العملاء.
أعطال متكررة وتوقفات مخططةشهد 2025 أكثر من توقف لخدمات إنستاباي، ما أثار جدلًا واسعًا على مواقع التواصل:عطل فني في منتصف يوليو أدى لتعذر تنفيذ التحويلات والاستعلام عن الأرصدة لساعات، قبل أن يعلن مصدر مصرفي أنه عطل تقني جارٍ إصلاحه.
توقفات مبرمجة لخدمات التطبيق خلال ساعات الليل في بعض الأيام بسبب أعمال صيانة وتحديث أنظمة البنوك المشتركة، مع تحذير مسبق للعملاء عبر البيانات الرسمية وحسابات التطبيق.
أحدثها عطل مفاجئ صباح الاثنين 1 ديسمبر 2025 استمر نحو ساعتين، قبل إعلان عودة الخدمة بشكل طبيعي.
هذه الأعطال، رغم وصفها بـ”المحدودة والمؤقتة”، زادت من قلق المستخدمين الذين يعتمدون على التطبيق في تحويل الرواتب، سداد الأقساط، ودفع الفواتير بشكل لحظي.
ردود إنستاباي والبنك المركزي
شبكة المدفوعات اللحظية والبنك المركزي حرصا في أكثر من بيان على توضيح سياسات التطبيق والتأكيد على أمانه، مع نفي شائعة طلب بيانات حساسة من المستخدمين.
تم التشديد على أن إنستاباي لا يطلب أبدًا أرقام بطاقات كاملة أو أكواد سرية أو كلمات مرور بنكية، وأن أي رسائل تطلب ذلك هي محاولات احتيال يجب الإبلاغ عنها.
أوضح البنك المركزي أن فرض الرسوم جاء بعد فترة إعفاء طويلة، وأن العائد منها يُستخدم لتطوير البنية التحتية الرقمية وضمان استمرارية الخدمة بجودة عالية.
كما شارك التطبيق مؤخرًا في معرض Cairo ICT 2025 للترويج لخدماته الجديدة، والتأكيد على توسع خطته ليشمل استقبال تحويلات من المصريين العاملين بالخارج بشكل لحظي إلى حساباتهم أو محافظهم داخل مصر.
إنستاباي بين رضا المستخدمين وكلفة التحصيل
الرقميفي ظل هذه التطورات، يقف إنستاباي على خط فاصل بين اعتباره قصة نجاح للتحول الرقمي في مصر، وبين تساؤلات غاضبة حول الرسوم المتزايدة والأعطال المتكررة.
فبينما يرى مسؤولو القطاع أن الرسوم “منطقية” لضمان استدامة الخدمة، يشعر قطاع من المستخدمين أن التطبيق بدأ يبتعد عن صورته الأولى كخدمة مجانية محفزة، ويتحوّل إلى قناة إضافية لتحصيل الرسوم البنكية.ويبقى السؤال المطروح في الشارع الرقمي: هل تنجح إدارة إنستاباي والبنك المركزي في تحقيق معادلة “خدمة سريعة وآمنة وبتكلفة معقولة”، أم تدفع الرسوم والأعطال بعض العملاء للرجوع إلى التحويلات التقليدية أو البحث عن بدائل رقمية أقل كلفة وأكثر استقرارًا؟










