تعيش محافظة حضرموت، شرقي اليمن، منذ أواخر نوفمبر، على وقع توتر أمني متصاعد يعد الأخطر منذ سنوات، وسط صراع نفوذ بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا، وحلف قبائل حضرموت المدعوم سعوديا، ما أدى إلى اشتباكات مسلحة وقطع للخدمات الأساسية وتوقف تام للإنتاج النفطي.
تحركات عسكرية وتقدم محدود
شهدت الهضبة النفطية مساء اليوم تطورات متسارعة، حيث واصلت مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي تمركزها في مواقع قريبة من منطقة المسيلة دون تقدم يذكر بعد انسحابها يوم أمس، في وقت وصلت إليه تعزيزات جديدة.
في المقابل، عزز حلف قبائل حضرموت وجوده في المنشآت النفطية، إذ تواصل قوات حماية حضرموت وقوات حماية الشركات تأمين مواقع “بترومسيلة” بإشراف مباشر من قيادة الحلف، وسط تدفق كبير لمئات المقاتلين القبليين المدججين بالسلاح.
ودفعت قوات الانتقالي بتعزيزات ثقيلة إلى منطقة بن عيفان شملت دبابات ومدفعية، فيما وصلت قوات إضافية إلى غيل بن يمين والعليب، في مؤشر على رفع مستوى الاستعداد الميداني.
اشتباكات مسلحة وانقطاع للخدمات
اندلعت اشتباكات عنيفة خلال الساعات الماضية في الهضبة بين قوات الدعم الأمني التابعة للانتقالي (مدعومة بقوات من الضالع ويافع) وبين قوات حماية حضرموت، انتهت بسيطرة الحلف على مواقع حساسة في المسيلة.
وأدى التوتر إلى توقف محطة بترومسيلة الغازية وانقطاع شبه كامل للكهرباء في وادي حضرموت وصحرائه.
من جانبها أعلنت شركة “بترومسيلة” وقف العمليات الإنتاجية والتكرير بصورة كاملة، مؤكدة أن الظروف الأمنية تمنع استمرار العمل في حقول النفط التي تنتج نحو 10 آلاف برميل يوميا.
أوامر قبض واتهامات متبادلة
أصدرت السلطات القضائية أوامر قبض بحق الشيخ عمرو بن حبريش، قائد حلف قبائل حضرموت، والقيادي مبارك العوبثاني، بتهمة “الهجوم على مواقع نفطية”.
وفي المقابل، يتهم الحلف قوات الانتقالي بمحاولة السيطرة على ثروات حضرموت، ويؤكد أن وجود قوات غير حضرمية في الوادي هو “جذر التوتر”.
اتصال رئاسي ودعوات للتهدئة
أجرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي اتصالا بمحافظ حضرموت سالم الخنبشي، دعا خلاله إلى تغليب لغة الحكمة والاصطفاف خلف السلطة المحلية، محذرا من أن التصعيد “سيدفع ثمنه المواطنون” وقد يتيح للحوثيين فرصة التمدد شرقا.
وأكد العليمي دعم الدولة لتمكين أبناء حضرموت من إدارة مواردهم، والعمل على احتواء التوتر ومنع تفكك النسيج الاجتماعي.
صراع نفوذ إقليمي وخلافات داخلية
يتداخل التصعيد المحلي مع صراع نفوذ إقليمي واضح بين السعودية والإمارات، فيما تشهد القوى المحلية نفسها انقسامات، بينها عزل مؤقت لابن حبريش وانسحابات من بعض عناصر قوات الانتقالي الرافضة للقتال ضد أبناء المحافظة.
مشهد مفتوح على تصعيد
يعد المشهد في حضرموت اليوم الأكثر تعقيدا منذ سنوات، مع استمرار التحشيد العسكري وتوقف المنشآت الحيوية واحتمالات توسع المواجهات.
وتحذر مصادر محلية من أن فشل الوساطات القبلية والرسمية قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من الصراع تهدد الاستقرار في واحدة من أهم محافظات اليمن اقتصاديا وسياسيا.










