15% و20%.. هل تكفي زيادات المعاشات لسد فجوة الغلاء في مصر؟
تشهد منظومة المعاشات في مصر حراكًا واسعًا مع نهاية 2025، مع بدء صرف معاشات شهر ديسمبر مرفقة بالزيادة الأخيرة التي أقرتها الدولة في يوليو الماضي بنسبة 15%، إلى جانب قرار جديد برفع بعض المعاشات بنسبة 20% لفئات محددة، ورفع الحدين الأدنى والأقصى للمعاش بدءًا من يناير
تفاصيل الزيادات الأخيرة في المعاشات
بحسب الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، تم تطبيق زيادة عامة للمعاشات في مصر اعتبارًا من 1 يوليو 2025 بنسبة 15% على جميع المعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ، تنفيذًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 325 لسنة 2025 المنشور في الجريدة الرسمية.
تستفيد من هذه الزيادة نحو 11.5 مليون مواطن من أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، بتكلفة سنوية تُقدّر بنحو 70 مليار جنيه وفق بيانات الهيئة، في إطار حزمة الحماية الاجتماعية التي أعلنتها الحكومة لمواجهة موجات التضخم.
الزيادة تطبَّق على كامل قيمة المعاش قبل يوليو 2025، مع قواعد تضمن ألّا تقل الزيادة عن الحد الأدنى المنصوص عليه بقانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019، وألا تتجاوز نسبة معينة من الحد الأقصى لأجر الاشتراك التأميني في 30 يونيو 2025.
قرار جديد بنسبة 20% لفئات محددة
إلى جانب الزيادة العامة، صدر القرار رقم 6148 لسنة 2025 عن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، ونُشر في الوقائع المصرية، ليقر زيادة جديدة بنسبة 20% من إجمالي قيمة المعاش لفئات معينة تخضع لنظام تأميني بديل، مثل بعض العاملين في قطاعات اقتصادية خاصة.
ينص القرار على أن:نسبة الزيادة 20% من قيمة المعاش.الحد الأدنى لقيمة الزيادة 1500 جنيه.الحد الأقصى لقيمة الزيادة 3500 جنيه لكل حالة.
هذه الزيادة تُطبَّق على المعاشات المستحقة حتى 30 سبتمبر 2025 في حالات بلوغ سن التقاعد أو العجز أو الوفاة، وفق أنظمة التأمين الاجتماعي البديلة، وبالتالي لا تشمل كل أصحاب المعاشات، وهو ما أثار تساؤلات بين من لم تشملهم القرارات الجديدة.
صرف معاشات ديسمبر 2025 وقيم الشرائح
بدأ رسميًا صرف معاشات شهر ديسمبر 2025 اليوم، عبر ماكينات الصراف الآلي، ومكاتب البريد، وفروع البنوك، مع استمرار العمل بنظام الشرائح لتخفيف الزحام على أماكن الصرف.
وتشير الجداول المنشورة إلى شرائح تبدأ من أقل من 1500 جنيه، وتتدرج حتى تتجاوز 5000 جنيه، وصولًا إلى معاشات أعلى في الشرائح العليا، تبعًا لمدة الاشتراك التأميني والأجر التأميني السابق لكل حالة.
تؤكد الهيئة أن جميع المبالغ تم تغذيتها مسبقًا في الحسابات البنكية والمحافظ الإلكترونية المرتبطة بالمعاشات، بما يتيح للمستفيدين الصرف على مدار الساعة دون الالتزام بمواعيد محددة، مع استمرار إتاحة خدمة الصرف من أي ماكينة ATM تابعة للبنوك المتعاقدة.
رفع الحدين الأدنى والأقصى للمعاش من يناير 2026ضمن الاستعدادات للعام الجديد، أعلنت هيئة التأمينات عن زيادة الحدين الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك التأميني اعتبارًا من 1 يناير 2026؛ حيث يرتفع الحد الأدنى من 2300 إلى 2700 جنيه، والحد الأقصى من 14,500 إلى 16,700 جنيه.
ينعكس ذلك مباشرة على المعاشات المستقبلية للمحالين للتقاعد بدءًا من هذا التاريخ، إذ سيصبح الحد الأدنى للمعاش الجديد 1755 جنيهًا بدلًا من 1495 جنيهًا، بينما يرتفع الحد الأقصى إلى نحو 13,360 جنيهًا بدلًا من 11,600 جنيه تقريبًا.
هذه التعديلات ترتبط أيضًا بزيادة القسط السنوي الذي تسدده وزارة المالية لصندوق التأمينات، ليصل إلى نحو 238.55 مليار جنيه من منتصف 2025، في إطار خطة حكومية لتقليص الفجوة التمويلية ودعم استدامة صناديق المعاشات.
جدل مجتمعي بين الأرقام والواقع
ورغم ضخامة الأرقام المعلنة عن تكلفة الزيادات، يشكو كثير من أصحاب المعاشات من أن الزيادة الفعلية التي تصل إلى جيوبهم لا تزال غير كافية أمام ارتفاع أسعار الغذاء والأدوية والمرافق والخدمات الأساسية، في ظل اعتماد شريحة واسعة منهم على المعاش كمصدر دخل شبه وحيد.
منظمات أهلية وخبراء حذروا من أن استمرار فجوة الدخل مع التضخم قد يهدد مستوى معيشة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، داعين إلى ربط زيادة المعاشات بمؤشر الأسعار الحقيقي وليس فقط بنسب ثابتة سنوية.
في المقابل، تؤكد الحكومة وهيئة التأمينات أن ما جرى يمثل أكبر موجة لزيادات المعاشات خلال السنوات الأخيرة، وأن استكمال الإصلاح يتطلب توازنًا دقيقًا بين تحسين الدخول والحفاظ على استدامة صناديق التأمينات في المدى الطويل، خاصة مع زيادة متوسط الأعمار وعدد المستفيدين.
بين مطالب الشارع وخطط الحكومة
ملف زيادة المعاشات يظل في قلب النقاش الاجتماعي في مصر، مع انتظار أصحاب المعاشات لأي قرارات إضافية “استثنائية” خلال العام المقبل تخفف من أعباء المعيشة، خاصة للفئات الأدنى دخلًا.
وبين وعود رسمية بمواصلة تعزيز الحماية الاجتماعية، وشعور شعبي بأن الزيادات لا تلحق بوتيرة الأسعار، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تنجح السياسات الحالية في توفير حياة كريمة فعلية لكبار السن، أم تحتاج منظومة المعاشات إلى قفزة أكبر تتجاوز مجرد الأرقام على الورق










