فضيحة مدوية في جنوب أفريقيا بعد اعتقال خمسة متهمين بتجنيد شباب للقتال مع الجيش الروسي في أوكرانيا، واتهامات تطال إعلاميين وأقارب الرئيس السابق زوما في شبكة خطيرة تمتد خارج الحدود
في حلقة جديدة من التداخلات المظلمة بين السياسة والمال والحرب، مثل خمسة مواطنين جنوب أفريقيين أمام المحكمة بتهم تتعلق بتجنيد مقاتلين لصالح الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا. القضية فجّرت صدمة واسعة في البلاد بعد الكشف عن أن ما لا يقل عن 17 شابًا تم استدراجهم إلى جبهات القتال تحت وعود كاذبة بالتدريب والحماية.
الشرطة أعلنت أن اعتقال المتهمين جاء بعد بلاغ أمني من شرطة مطار OR تامبو في جوهانسبرغ، حين تمّ توقيف ثلاثة شبان قبل صعودهم إلى طائرة متجهة إلى روسيا عبر الإمارات. التحقيقات الأولية قادت إلى تتبع امرأة – ألقي القبض عليها أيضًا – يُشتبه بأنها حلقة الوصل التي جنّدتهم داخل البلاد.
وجوه مشهورة في قفص الاتهام
المفاجأة الأكبر جاءت مع الكشف عن هوية بعض المتورطين، بينهم المذيعة الإذاعية الشهيرة نونكولوليكو مانتولا، التي تحتل منصبًا بارزًا داخل “رابطة صحفيي بريكس”. حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي وثّقت مشاركتها مؤخرًا في فعاليات داخل موسكو، ما زاد الغموض والشكوك حول طبيعة علاقتها بالأزمة.
الرابطة التي تنتمي إليها مانتولا كانت قد خضعت لعقوبات أوروبية بتهمة نشر دعاية روسية وتضليل إعلامي، الأمر الذي فتح الباب أمام أسئلة خطيرة: هل يتم استخدام الإعلام كغطاء لتجنيد المرتزقة ونقلهم إلى الجبهة؟
خيوط تصل إلى عائلة زوما
القضية اتخذت أبعادًا سياسية مُتفجّرة بعد ظهور أسماء من أسرة الرئيس السابق جاكوب زوما. شهادات بناته أمام الشرطة كشفت عن شبكة تجنيد مرتبطة بحزب «أمخونتو وي سيزوي» (MK)، إذ تم استدراج شبان – بينهم ثمانية من أقارب زوما – بوعد تدريبهم كحراس شخصيين، قبل أن يجدوا أنفسهم وسط حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
انتهاك للقانون وضربة للسيادة
القانون الجنوب أفريقي يجرّم القتال لصالح جيوش أجنبية دون تصريح رسمي. ورغم ذلك، استطاعت هذه الشبكات، على ما يبدو، نسج تحالفات عابرة للحدود، مستغلة هشاشة الوضع الاقتصادي لشباب يبحثون عن فرصة أيًا كانت.
الرئاسة أكدت أنها تحقق في مصير العالقين في شرق أوكرانيا، وتعمل لإعادتهم إلى ديارهم. لكن الأسئلة الملتهبة أكبر من مجرد إعادة مواطنين:
من مكّن روسيا من فتح خط تجنيد داخل جنوب أفريقيا؟
كيف توغلت مصالح المرتزقة في مؤسسات إعلامية وسياسية؟
وإلى أي مدى يستطيع نفوذ موسكو اختراق مجتمعات أفريقية مستاءة من الغرب؟
قضية تكشف هشاشة الدولة أمام لعبة الأمم
ما جرى ليس حادثًا فرديًا… بل ناقوس خطر.
فالحرب الروسية الأوكرانية لم تعد بعيدة، بل طرقَت أبواب القارة السمراء، وجعلت شبابها وقودًا لصراع دولي دموي.
المحاكمة المقبلة في 8 ديسمبر سوف تعيد فتح الملف أمام الرأي العام، لكن الحقيقة الصارخة باتت واضحة:
جنوب أفريقيا أصبحت ساحة تجاذب بين القوى الكبرى…
وشبابها يتحولون — دون وعي — إلى جنود في حرب الآخرين.










