تعادل بطعم الخسارة أمام السودان.. هل منتخب «المحليين» جاهز فعلاً للدفاع عن تاج العرب في قطر؟
منتخب الجزائر يعيش مرحلة مزدوجة بين ضغط الحفاظ على لقب كأس العرب في قطر، والاستعداد المبكر لمعركة أمم أفريقيا 2025 في المغرب وكأس العالم 2026، ما جعله تحت مجهر الجماهير والنقاد معًا بعد تعادل محبط أمام السودان وتأهل تاريخي للمونديال.
الأداء الأخير فتح نقاشًا واسعًا حول جدوى المراهنة على تشكيلة محلية يقودها مجيد بوقرة في كأس العرب، مقابل مشروع فلاديمير بيتكوفيتش مع المنتخب الأول في الاستحقاقات القارية والعالمية.
تعادل مُربك في افتتاح كأس العرب
استهل منتخب الجزائر حملة الدفاع عن لقبه في كأس العرب 2025 بتعادل سلبي مخيب أمام السودان في الجولة الأولى بالمجموعة الرابعة، في مباراة لعب فيها الخضر بعشرة لاعبين معظم الوقت بعد طرد المدافع آدم وناس في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول.
التعادل منح كلاً من الجزائر والسودان نقطة واحدة، وترك باب التأهل مفتوحًا على مصراعيه في مجموعة تضم أيضًا العراق والبحرين وتُوصف مسبقًا بأنها متوازنة لكنها خطرة على حامل اللقب.
المواجهة اتسمت بالتوتر البدني والاندفاع، إذ دفع الطرد بمنتخب الجزائر إلى تغيير أسلوبه من ضغط عالٍ إلى تمركز دفاعي حذر، مع الاعتماد على المرتدات التي لم تُستثمر بالشكل الأمثل.
هذا الظهور الباهت نسبيا، خاصة من منتخب يحمل لقب 2021، فتح الباب أمام انتقادات لخيارات بوقرة التكتيكية وطريقة إدارة المباراة في ظل النقص العددي.
تصريحات بوقرة ورسالة الحذرمجيد بوقرة حاول قبل اللقاء تخفيف الضغط بإعادة التذكير بذكرياته الإيجابية في قطر، مؤكداً أن فريقه جاهز لبداية قوية وأنه يمتلك مزيجاً من عناصر شابة تسعى لفرض نفسها على مستقبل المنتخب الأول.
كما شدد على أن مواجهة السودان ليست سهلة وأن البطولة تحمل مفاجآت كبيرة، مطالبًا لاعبيه بالتركيز العالي لتفادي الوقوع في فخ البداية المتعثرة.
بعد التعادل، وجد بوقرة نفسه أمام معادلة صعبة: الحفاظ على ثقة جمهور اعتاد رؤية منتخب بلاده مرشحًا فوق العادة في البطولات العربية، مع الاعتراف في الوقت ذاته بأن اللعب بنقص عددي وحسابات المجموعة يفرضان قدرًا من الواقعية.
هذه الواقعية قد تدفعه إلى إجراء تعديلات على التشكيل وطريقة اللعب في المواجهات المقبلة أمام العراق والبحرين لتجنب الدخول في سيناريو “حسابات معقدة” في الجولة الأخيرة.
كأس أفريقيا 2025 وكأس العالم 2026 في الأفق
بعيدًا عن كأس العرب، يعيش المنتخب الجزائري الأول بقيادة فلاديمير بيتكوفيتش فترة تحضيرات حساسة لأمم أفريقيا 2025 في المغرب، بعد ضمان تأهله رسميًا للبطولة القارية وتأهله أيضًا إلى نهائيات كأس العالم 2026 بفضل انتصارات حاسمة في التصفيات على الصومال وأوغندا.
الاتحاد الجزائري برمج معسكرًا في جدة خاض خلاله الفريق حصة تدريبية أولى استعدادًا لودية زيمبابوي ثم مباراة ودية أخرى أمام السعودية، بهدف رفع النسق قبل الكان.
القائمة الأخيرة شهدت استدعاء وجوه جديدة مثل المدافع الشاب إلياس بن قارة ولاعب الوسط ياسين تيطراوي، ما يعكس رغبة بيتكوفيتش في ضخ دماء شابة إلى جانب ركائز الخبرة قبل الدخول في غمار بطولة تستضيفها المغرب ويطارد فيها الخضر لقبهم القاري الثالث
في المقابل، ضربت الإصابات بعض العناصر على غرار فارس شايبي، ما يفرض على الجهاز الفني إعادة توزيع الأدوار في مناطق حساسة من الملعب.
مراكز تقلق الجماهير قبل الكانتحليلات صحفية جزائرية وعربية أشارت إلى أن بيتكوفيتش لا يزال يواجه حيرة حقيقية في ثلاثة مراكز أساسية قبل أمم أفريقيا، مع تركيز خاص على حراسة المرمى وأحد مركزي قلب الدفاع ولاعب الوسط المحوري الذي يجمع بين الافتكاك وبناء اللعب.
هذه المراكز تجعل كل مباراة ودية أشبه باختبار مباشر للاعبين الطامحين لحجز مكان في التشكيلة الأساسية قبل إعلان القائمة النهائية للبطولة.
ما يزيد من حساسية الوضع أن المنتخب يدخل الكان هذه المرة بضغط مضاعف: الرد على خروج مبكر من نسخ سابقة، وتأكيد أن تأهل مونديال 2026 جاء نتيجة مشروع حقيقي وليس انتفاضة عابرة.
لهذا تبدو كل خطوة تكتيكية أو اختيار فردي في المعسكر الحالي تحت مجهر الإعلام والجماهير التي لا تقبل بأقل من منافسة حقيقية على اللقب القاري.
جماهير بين نشوة وتأهب
جماهير الجزائر تعيش حالة تذبذب بين نشوة التأهل إلى كأس العالم والتواجد في واجهة البطولات الكبرى، وبين قلق حقيقي من بعض مؤشرات الأداء في المباريات الأخيرة، سواء على مستوى المنتخب الأول أو منتخب كأس العرب.
تعادل السودان وطرد وناس، وقبله النقاش حول المراكز المقلقة في تشكيلة بيتكوفيتش، كلها عوامل تغذي نقاشاً داخلياً واسعاً حول ضرورة الحسم في اختيارات الأسماء والرهان على تشكيل أكثر استقراراً.
في المحصلة، يقف منتخب الجزائر اليوم على مفترق طرق: إما أن يحول كأس العرب إلى منصة معنوية إضافية قبل الكان والمونديال، أو تتحول نتائج البطولة إلى جرس إنذار مبكر يفرض مراجعات في طريقة إدارة الملفات الفنية بين بوقرة وبيتكوفيتش.
وبين هذا وذاك، تبقى أعين الشارع الجزائري معلقة على كل مباراة، لأن الخطأ في مرحلة التحضير قد يُدفع ثمنه مضاعفاً عندما تبدأ المعارك الحقيقية في المغرب والعالم.










