مونديال 2026 يبتعد وكأس العرب تشعل الأمل: هل أخطأ اتحاد السودان عندما راهن متأخرًا على مشروع كواسي أبياه؟
منتخب السودان يعيش واحدة من أكثر فتراته تناقضًا؛ بين تعادل بطولي أمام حامل لقب كأس العرب الجزائر، وحسابات معقدة في تصفيات كأس العالم 2026، مع رهان كبير على مشروع فني يقوده الغاني كواسي أبياه وسط ظروف قاسية داخل البلاد.
“صقور الجديان” عادوا إلى الواجهة بمنتخب مقاتل نجح في إحراج الكبار عربيًا، لكنه ما زال يبحث عن معجزة تقوده إلى المونديال وتجاوز آثار توقف النشاط الكروي بسبب الحرب.
كأس العرب 2025… تعادل بطعم الرسالة
آخر ظهور لمنتخب السودان كان في الجولة الأولى من دور المجموعات بكأس العرب 2025، حيث فرض التعادل السلبي على الجزائر حامل اللقب في مباراة مثيرة على ملعب أحمد بن علي في قطر.
المنتخب السوداني استغل طرد الجزائري آدم وناس في الشوط الثاني ليرفع من نسقه الهجومي، وسيطر لفترات طويلة على وسط الملعب، لكنه فشل في ترجمة الأفضلية إلى هدف يحسم الانتصار.
هذا التعادل جاء بعد تأهل السودان من الملحق على حساب لبنان، ليظهر في دور المجموعات بمجموعة نارية تضم أيضًا العراق والبحرين.
ورغم أن النتيجة أمام الجزائر تبدو إيجابية على الورق، فإن كثيرًا من التحليلات اعتبرتها “تعادلاً بطعم الهزيمة” لأن الظروف كانت مواتية لخطف انتصار تاريخي على حامل اللقب المنقوص عدديا.
اختيارات كواسي أبياه ورهان مشروع جديدالمنتخب يقوده فنيًا الغاني كواسي أبياه، أول مدرب إفريقي قاد غانا في كأس العالم، والذي يتعامل مع بطولة كأس العرب كمنصة أساسية لإعادة بناء صورة السودان القارية والعربية.
أبياه أكد في مؤتمراته الصحفية أن فريقه لا يذهب إلى قطر من أجل “التمثيل المشرف”، بل للمنافسة الحقيقية وإسعاد شعب يعيش تحت ضغط الحرب وتوقف النشاط الكروي المحلي منذ قرابة ثلاث سنوات.
اختياراته في تشكيل الجزائر عكست رغبته في مزيج من الخبرة والحيوية، حيث اعتمد على منجد النيل في حراسة المرمى، وأسماء معتادة مثل محمد عبد الرحمن “الغربال” والجزولي نوح ووالي الدين خضر، إلى جانب عناصر قدمت مردودًا دفاعيًا منظمًا أمام هجوم جزائري قوي.
هذا التماسك دفع متابعين إلى اعتبار أن السودان يملك نواة منتخب قادر على الذهاب بعيدًا في البطولة إذا حصل على إعداد بدني ونفسي أفضل مما تسمح به الظروف الحالية.
تصفيات المونديال… معادلة معقدة
بعيدًا عن كأس العرب، يعيش منتخب السودان وضعًا حرجًا في تصفيات كأس العالم 2026، حيث يحتل المركز الثالث في المجموعة الثانية خلف الكونغو الديمقراطية والسنغال.
يمتلك “صقور الجديان” 12 نقطة بعد سبع جولات، متأخرين بأربع نقاط عن المتصدر الكونغو الديمقراطية وبثلاث عن السنغال، ما يجعل حظوظه في التأهل المباشر ضعيفة ويضعه تحت ضغط ضرورة الفوز بكل مبارياته المقبلة.
الخسارة الأخيرة أمام السنغال بهدفين دون رد عقدت الحسابات، إذ أصبح المنتخب السوداني مطالبًا بالانتصار على موريتانيا والكونغو الديمقراطية في الجولات الحاسمة، مع انتظار تعثر منافسيه في القمة.
ورغم أن اللوائح تمنح أفضل منتخبات الوصافة فرصة عبر ملحق إفريقي ثم عالمي، فإن موقع السودان الحالي يعني أن أي تعثر جديد قد ينهي حلم المونديال مبكرًا.
منتخب تحت ضغط الحرب والجمهور
تصريحات أبياه والجهاز الفني كشفت أن المنتخب يعمل في ظروف استثنائية، مع توقف الدوري والنشاط المحلي تقريبًا منذ اندلاع الحرب، ما أثر على جاهزية اللاعبين وتدرجهم التنافسي.
لهذا تبدو كل مشاركة دولية، سواء في كأس العرب أو تصفيات المونديال، بمثابة نافذة أمل لجماهير تبحث عن ما يوحدها وسط انقسام سياسي وعسكري داخلي
على مستوى الشارع الرياضي، تتصاعد نبرة الانتقاد لاتحاد الكرة بشأن ضعف برمجة المعسكرات والإعداد، مقابل إشادة بروح اللاعبين الذين يقطعون مسافات طويلة في ظروف سفر صعبة للحاق بالمعسكرات والمباريات.
وبين أداء محترم أمام الجزائر وضغط حسابات التصفيات، يقف منتخب السودان اليوم على حافة مفترق طرق: إما أن تتحول هذه الفترة إلى نواة جيل ذهبي يعبر الأزمات، أو تضيع الفرصة في زحام صراعات خارج الملعب.










