في واحدة من القصص الأكثر تأثيرا التي كشفت عنها الحرب المستمرة في قطاع غزة، تحولت الطفلة رهف يوسف بدر (13 عاما) إلى أم وأب في آن واحد لأربعة من إخوتها الصغار، بعد أن سحقت الحرب عائلتها بالكامل. وتمثل قصة رهف، التي نقلها الصحفي أسامة الكحلوت مراسل قناة “الحدث” في غزة، مرآة لآلاف الأطفال الذين أجبروا على تحمل مسؤوليات تفوق أعمارهم.
نزوح وفقدان ورحيل الأبوين
بدأت مأساة رهف بنزوحها مع عائلتها من شمال القطاع (بيت لاهيا أو جباليا) إلى الجنوب، تنفيذا لأوامر الإخلاء الإسرائيلية. وفي خضم النزوح، تلقت العائلة صدمة أخرى:
وفاة الأم: اكتشفت والدة رهف إصابتها بسرطان الثدي. وفي ظل انهيار النظام الصحي وتدمير أكثر من 80% من المستشفيات، لم تتمكن الأم من تلقي العلاج الكافي وتوفيت بعد عام من النزوح. كانت كلماتها الأخيرة لرهف: “انتبهي لإخوتك”، والتي تحولت سريعا من ما ظنته رهف مزاحا إلى واقع أليم.
مأساة الأب: في الشهر نفسه الذي توفيت فيه الأم، عاد الأب إلى منزلهم المهجور في الشمال لجلب بعض الضروريات. تعرض المنزل لقصف إسرائيلي مباشر، مما أدى إلى انهياره عليه، وحرمان رهف وإخوتها من انتشال جثمانه أو وداعه بسبب الخطورة الأمنية.
رهف: أم يتيمة في خيمة قماشية
تعيش رهف اليوم مع إخوتها الأربعة (تتراوح أعمارهم بين 3-10 سنوات) في خيمة مؤقتة مهترئة شمال القطاع. الخيمة، المصنوعة من قماش بال وألواح معدنية، لا تقي العائلة من برد الشتاء القارس والأمطار الغزيرة التي تحول محيطهم إلى مستنقعات.
أصبحت مسؤوليات رهف اليومية كـ “أم يتيمة” تشمل تدبير الوجبات المحدودة من المساعدات (خبز، عدس، أرز)، وغسيل الملابس يدويا، وتنظيف الخيمة، محاولة تعليم إخوتها القراءة والكتابة في ظل إغلاق المدارس، والأهم، تهدئة مخاوفهم من القصف الليلي، وهي نفسها طفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة.
أطفال غزة تحت ضغط المأساة
تعد قصة رهف جزءا من واقع مرير يعيشه أكثر من 1.9 مليون نازح في غزة. وقد حذرت منظمات إنسانية مثل يونيسف من ارتفاع خطر الاستغلال، والزواج المبكر، وعمالة الأطفال بنسبة 30% بسبب الحرب. وتشير التقارير الفلسطينية إلى أن أكثر من 19 ألف طفل في القطاع أصبحوا أيتاما بسبب الصراع.










