وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد ظهر اليوم الأربعاء إلى العاصمة الصينية بكين، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، إلى جانب بحث الملفات الدولية وفي مقدمتها الحرب الأوكرانية.
وتأتي الزيارة في ظل مساع فرنسية لإقناع الرئيس الصيني شي جين بينغ بضرورة إعادة التوازن في العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وجذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى فرنسا، إضافة إلى مطالبة بكين بلعب دور أكبر في الدفع نحو وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
طلب التكنولوجيا… “نحن الدول النامية الآن”
وفي سياق الزيارة، قال نيكولا دوفورك، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار العام الفرنسي Bpifrance، إن “تحولا تاريخيا” يحدث حاليا، معتبرا أن فرنسا باتت تبحث لدى الصين عن التكنولوجيا المتقدمة لتعويض ما خسرته خلال السنوات الماضية.
وأضاف في تصريح إذاعي: “لقد انقلب كل شيء رأسا على عقب. نحن الآن الدول النامية، والصين هي الدول المتقدمة”، مشيرا إلى أن على أوروبا أن تتبنى الاستراتيجية التي سبق أن استخدمتها الصين، القائمة على الشراكات المشتركة ونقل التكنولوجيا.
وأشار دوفورك إلى التعاون الأخير بين شركة أورانو الفرنسية وشركة XTC الصينية في دونكيرك لإنتاج مواد صناعية حيوية، مؤكدا أن مثل هذه المشاريع أصبحت ضرورة لتعزيز الصناعة الفرنسية.
الصين قوة تكنولوجية… وفرنسا تبحث عن شراكة متوازنة
ويعترف الإليزيه اليوم بأن الصين أصبحت قوة تكنولوجية رائدة، بعد ثلاثة عقود من العولمة كانت أوروبا خلالها المزود الرئيسي للتكنولوجيا.
ويؤكد مسؤولون فرنسيون أن المرحلة الجديدة تتطلب “شراكات موثوقة” تقوم على نقل متبادل للتقنيات وليس تلقي أوروبا لها فقط.
لكن رغم الانفتاح، تضع باريس خطوطا حمراء واضحة في القطاعات الاستراتيجية، وعلى رأسها الاتصالات. ويظل ملف هواوي مثالا على الحذر الأوروبي، إذ جمد مشروع المصنع الذي كانت الشركة تعتزم افتتاحه في الألزاس.
أوروبا… سوق ضخمة وجاذبة للصين رغم التوترات
ورغم التوترات التجارية، تستمر الشركات الصينية في البحث عن طرق لتعزيز وجودها داخل السوق الأوروبية الموحدة، سواء عبر الاستثمارات المباشرة أو التعاون الصناعي، خاصة في ظل القيود الجمركية التي تواجهها صادراتها.
وتعد أوروبا واحدة من أكبر الأسواق العالمية وأكثرها جاذبية، كما تتفوق على الصين في مجال البحث العلمي والنشر الأكاديمي، ما يشجع بكين على تعزيز العلاقات العلمية والصناعية مع العواصم الأوروبية.
برنامج ماكرون في الصين
وكان في استقبال ماكرون وقرينته بريجيت لدى وصولهما وزير الخارجية الصيني وانغ يي. ومن المقرر أن يعقد الرئيس الفرنسي لقاء رسميا مع شي جين بينغ الخميس في قاعة الشعب الكبرى، ثم اجتماعا غير رسمي آخر يوم الجمعة في مدينة تشنغدو جنوب غرب البلاد.
ويتضمن برنامج الزيارة جولة ثقافية في المدينة المحرمة، إضافة إلى مأدبة عشاء رسمية.
ويرافق ماكرون وفد رفيع المستوى يضم ستة وزراء و35 رئيس شركة كبرى، في خطوة تهدف إلى فتح آفاق اقتصادية جديدة وجذب استثمارات صينية إلى قطاعات الطاقة والصناعة والزراعة والبحث العلمي في فرنسا.
وأكد الإليزيه قبيل الزيارة: “نريد أن تعامل أوروبا بوصفها شريكا رئيسيا ومحترما من قبل الصين، وسيكون هذا محور المحادثات الاستراتيجية مع الرئيس شي.”










