في تطور دبلوماسي وأمني مفاجئ، أعلنت الحكومة العراقية يوم الخميس 4 ديسمبر 2025 تراجعها عن قرار نشر تصنيف “حزب الله” اللبناني وجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) كمنظمات إرهابية في جريدة “الوقائع العراقية” الرسمية، معتبرة إياه “نسخة غير منقحة” من قرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين.
وكشفت مصادر عراقية لـ”المنشر الاخباري” أن إيران كانت وراء هذا التراجع، وسط ضغوط أمريكية مستمرة على بغداد لتعزيز الالتزامات الدولية في مكافحة تمويل الإرهاب.
هذا التراجع جاء بعد أقل من ساعة من نشر القرار، مما أثار جدلاً واسعاً حول استقلالية القرارات العراقية وسيطرة الضغوط الخارجية.
تفاصيل القرار والتراجع:
نشرت جريدة الوقائع العراقية في عددها 4848 (مؤرخ 17 نوفمبر 2025، لكن الإصدار الفعلي اليوم) قراراً برقم 61 لسنة 2025 صادر عن لجنة تجميد أموال الإرهابيين التابعة لأمانة مجلس الوزراء. يقضي بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لـ24 كياناً وشخصاً، بما في ذلك:تسلسل 18: حزب الله اللبناني، بتهمة “المشاركة في ارتكاب عمل إرهابي”.
تسلسل 19: جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، بنفس التهمة.
كان القرار يستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 1373 (2001) وقرارات أخرى متعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، وطلب من دولة ماليزيا، مع التركيز على روابط محتملة بتنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
التراجع السريع:
أصدرت لجنة تجميد أموال الإرهابيين بياناً يوضح أن النسخة المنشورة كانت “غير منقحة”، وأن القائمة تضمنت أحزاباً وكيانات لا ترتبط بأنشطة إرهابية مع “داعش” أو “القاعدة”.
وأكدت مصادر حكومية أن الإدراج كان إجرائياً لتنفيذ التزامات دولية (قوائم الأمم المتحدة للعقوبات)، لا يعكس تصنيفاً سياسياً وطنياً عراقياً.
وأشارت التقارير إلى أن التراجع جاء بعد اتصالات عاجلة من طهران، خوفاً من تأثير القرار على “المحور المقاوم” الذي يشمل فصائل عراقية مدعومة إيرانياً.
العراق بين إيران والضغوط الأمريكية:
يأتي هذا التطور وسط حملة أمريكية مكثفة على بغداد، خاصة بعد عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة في يناير 2025، لمواءمة المنظومة القانونية العراقية مع متطلبات مجموعة العمل المالي (FATF).
كشفت مصادر أن طهران مارست ضغوطاً فورية على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، معتبرة القرار “خطاً سياسياً” يهدد الوحدة الإقليمية.
ويُعتقد أن إيران هددت بتأثيرها على الفصائل المسلحة العراقية، مثل “كتائب حزب الله”، التي شاركت في عمليات مشتركة مع الحوثيين ضد إسرائيل.
هذا يعكس التوتر بين بغداد وطهران، حيث تعتمد الحكومة العراقية على الدعم الإيراني سياسياً وعسكرياً.
ردود الفعل في العراق:
طالب ائتلاف دولة القانون (بزعامة نوري المالكي، حليف إيران) برئاسة الإطار التنسيقي بعقد اجتماع عاجل لإلغاء التصنيف، واصفاً إياه بـ”قرار خاطئ يفاجئنا”.
وانتقد النائبة ابتسام الهلالي السوداني بـ”قرارات غير صحيحة”، مشددة على أنها تتعارض مع خطاب السوداني السابق في القمة العربية.
أما عضو البرلمان السابق مصطفى سند، فقال: “العراق يصنف الحوثيين وحزب الله إرهابيين بينما يُرشح ترامب لنوبل… عار عليكم”.
وقد يعرض التراجع العراق لعقوبات أمريكية أو دولية، خاصة مع اقتراب اجتماعات FATF في 2026. كما يعزز الشكوك حول قدرة الحكومة السوداني على التوفيق بين الضغوط الأمريكية والإيرانية، مما قد يؤثر على الانتخابات المحلية المقبلة.










