من قلب الدوحة.. صاروخ خربين ينسف حسابات قطر ويحوّل فرحة الجماهير إلى صدمة عربّية
مباراة سوريا وقطر في كأس العرب 2025 تحولت إلى واحدة من أكثر مواجهات الدور الأول إثارة، بعد أن خطف المنتخب السوري تعادلًا دراميًا 1–1 في اللحظات الأخيرة بصاروخية عمر خربين، ليُبقي آماله في التأهل ويُعقّد مهمة أصحاب الأرض بشكل كبير.
اللقاء قدّم صورة متناقضة بين سيطرة قطرية على مجريات اللعب وفرص بالجملة، وبين واقعية سورية وضربة واحدة قاتلة أعادت رسم ملامح المجموعة الأولى.
سيناريو المباراة: قطر تهاجم وسوريا تضرب في الوقت القاتل
المباراة على استاد خليفة الدولي بدأت باندفاع قطري واضح، حيث سيطر أصحاب الأرض على الكرة وصنعوا سلسلة من الفرص المبكرة عبر أكرم عفيف، محمد المناعي، وجاسم جابر، وسط تراجع سوري منظم والاعتماد على المرتدات.
الإحصاءات أظهرت تفوقًا قطريًا واضحًا في عدد المحاولات (18 محاولة مقابل تسديدتين فقط لسوريا على المرمى)، ما عكس اتجاه اللعب باتجاه منطقة الجزاء السورية لفترات طويلة.
رغم هذا الضغط، انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، بعد أن تعامل الحارس السوري إلياس حدايا وخط الدفاع مع أكثر من فرصة خطيرة، أبرزها تسديدة جابر من خارج المنطقة ورأسية المناعي وفرصتين متتاليتين لهمام أحمد إحداهما اصطدمت بالقائم.
في المقابل، كاد عمر خربين أن يعاقب الدفاع القطري من كرة ساقطة فوق الحارس، لولا تدخل الدفاع وإبعاد الكرة من على خط المرمى في لقطة إنذار مبكر لما سيحدث لاحقًا.
شوط الأهداف: فرحة قطرية قصيرة وانفجار سوري متأخرفي الشوط الثاني واصلت قطر ضغطها بحثًا عن هدف النجاة من شبح الخروج المبكر، ومع دخول أحمد علاء الدين زادت الفاعلية الهجومية ليترجم البديل هذه السيطرة برأسية قوية في الدقيقة 77 بعد عرضية من إدملسون جونيور، أشعلت مدرجات الدوحة وبدت وكأنها بداية عودة “العنابي” للمنافسة.
هذا الهدف جاء كمكافأة منطقية على حجم الفرص والسيطرة الميدانية التي مارسها المنتخب القطري طوال اللقاء.
لكن الدقائق الأخيرة حملت ما لا يتوقعه القطريون؛ فمع اندفاع أصحاب الأرض لحسم اللقاء بهدف ثانٍ، استغل السوريون مساحة خارج المنطقة في الدقيقة 90، ليستلم عمر خربين الكرة ويطلق تسديدة صاروخية مقوسة من خارج منطقة الجزاء استقرت في الزاوية العليا لمرمى مشعل برشم، في واحد من أجمل أهداف البطولة.
هذا الهدف التاريخي حوّل صمت الجماهير السورية إلى انفجار فرح، وأعاد المواجهة إلى نقطة التعادل في لحظة بدت كصفعة قاسية لقطر على أرضها.
دور خربين: قائد النسور وهدّاف البطولة
بتسديدته القاتلة في شباك قطر، رفع عمر خربين رصيده إلى هدفين في البطولة بعد هدفه الرائع من ركلة حرة في مرمى تونس بالجولة الأولى، ليعتلي صدارة ترتيب هدافي كأس العرب 2025.
تقارير عديدة وصفته بأنه “أسطورة النسور” وأن هدفه في قطر مرشح ليكون من أجمل أهداف النسخة الحالية، بالنظر إلى الزاوية الصعبة والتوقيت الحاسم.
خربين لم يكتفِ بالهدف، بل ظهر طوال اللقاء كمصدر تهديد مستمر للدفاع القطري، عبر تحركات ذكية بين الخطوط وقدرته على استلام الكرات تحت الضغط، ما منحه جائزة رجل المباراة في أكثر من تقييم إعلامي.
هذا التأثير الهجومي جعله رمزًا لروح المنتخب السوري الذي يدخل المباريات بإمكانات أقل من منافسيه لكنه يعوّض ذلك بتنظيم دفاعي وصلابة بدنية وحلول فردية حاسمة.
ماذا تعني النتيجة لقطر وسوريا في المجموعة؟
تعادل 1–1 جعل سوريا تتقاسم صدارة المجموعة الأولى مع فلسطين بأربع نقاط لكل منهما بعد جولتين، مع أفضلية طفيفة لفلسطين بفارق الأهداف، بينما بقيت قطر في المركز الأخير بنقطة واحدة متأخرة عن تونس بفارق الأهداف.
هذا الواقع يعني أن مواجهة سوريا وفلسطين في الجولة الأخيرة ستحدد على الأرجح هوية المتأهل الأول وربما الثاني من المجموعة، مع وجود سيناريو يسمح بتأهل المنتخبين معًا إذا انتهت مباراتهما بالتعادل.
بالنسبة لقطر، تعقدت الحسابات تمامًا؛ فالمنتخب المستضيف بات مطالبًا بالفوز على تونس بفارق هدفين على الأقل مع انتظار تعثر أحد منتخبي سوريا أو فلسطين، وهو سيناريو صعب في ظل الحالة المعنوية المتراجعة وضغط الجماهير والإعلام.
التعادل أمام سوريا، بعد الخسارة الافتتاحية أمام فلسطين، جعل الحديث يدور عن احتمال خروج مبكر “مُهين” لبطل آسيا من الدور الأول على أرضه.
قراءة فنية ومعارضة لأداء المنتخبين
فنيًا، يمكن القول إن قطر قدّمت مباراة هجومية قوية من حيث الاستحواذ وصناعة الفرص، لكنها دفعت ثمن غياب الفاعلية أمام المرمى وسوء استغلال الكم الهائل من المحاولات لصالح هجمة سورية واحدة متقنة.
الانتقادات الإعلامية ركزت على العقم التهديفي وعدم القدرة على “قتل” المباراة بهدف ثانٍ، مع التساؤل عن جدوى تغييرات المدرب لوبيتيغي في التشكيلة وطريقة إدارة الدقائق الأخيرة.
على الجانب الآخر، حصدت سوريا إشادة واسعة على صعيد الانضباط التكتيكي والقدرة على الصمود تحت الضغط ثم استغلال الفرصة النادرة بأقصى فعالية ممكنة، ما يعكس فريقًا يعرف حدوده ويلعب وفق إمكانياته بذكاء.
منتقدون قلائل أشاروا إلى أن الاكتفاء بالدفاع العميق قد يكلّف المنتخب ثمنًا باهظًا أمام خصم مثل فلسطين في الجولة الأخيرة، إذا لم ينجح النسور في إيجاد توازن أكبر بين الدفاع والهجوم.
بهذه الخلفية، لا تبدو مباراة سوريا وقطر مجرد تعادل في دور مجموعات، بل محطة فارقة في مسار البطولة؛ إذ منحت سوريا ثقة هائلة قبل الحسم أمام فلسطين، ووضعت قطر أمام مرآة صعبة تعكس فجوة بين طموح تنظيم بطولة عربية كبرى وبين أداء منتخب يترنح تحت ضغط الأرض والجمهور.










