طهران، 6 ديسمبر 2025 – تعرض رجل الدين الشيعي الإيراني عبد الرحيم سليماني أردستاني لسيل من التهديدات والهجمات، وصلت إلى حد مهاجمة منزله، بعد أن أعرب عن تشكيكه العلني في صحة الروايات الشيعية حول وفاة السيدة فاطمة الزهراء، ابنة سيدنا محمد ﷺ، والإمام الجواد، الإمام التاسع للشيعة.
تصريحات أثارت غضب المؤسسة الدينية فى إيران
جاءت تصريحات أردستاني خلال مناظرة مع حامد كاشاني، أحد رجال الدين المقربين من النظام الإيراني، وركزت على نقطتين أثارتا الجدل:
• رواية وفاة فاطمة الزهراء: رأى أردستاني أن الروايات الشيعية حول استشهاد الزهراء تضع تساؤلات حول دور الإمام علي، زوجها، مؤكدًا أنه إذا اكتفى بالمشاهدة ولم يتخذ أي إجراء، فهو “شريك في القتل”، مما يفتح النقاش حول عدالته.
• وفاة الإمام الجواد: شكك أردستاني في إقامة الشعائر الدينية على وفاة الإمام الجواد، معتبراً أن سبب وفاته يعود إلى “غيظ زوجته بعد زواجه مرة ثانية”، وأن إحياء العزاء على حدث مضى عليه أكثر من 1300 عام “لا معنى له”.
ردود الفعل الرسمية والمؤسسة الدينية
تسببت تصريحات أردستاني في ردود فعل عنيفة من المؤسسة الدينية المقربة من النظام:
• دعا محمد علي أماني، الأمين العام لحزب “مؤتلفة الإسلامي”، إلى اتخاذ إجراءات قضائية وسحب اللباس الديني عن أردستاني، واصفًا إياه بـ”الشّيعي الزائف”، ومشددًا على أن “الإساءة إلى المقدسات والمعتقدات الشيعية جريمة لا تُغتفر”.
• أعلن آية الله علي رضا سنجري أراكي أن من ينكر “استشهاد فاطمة الزهراء” و”ولاية أهل البيت المطلقة” بوضوح وعلم، فإنه يُعد “خارجًا عن أصول المذهب الشيعي أو كافرًا”.
• تداولت وسائل الإعلام الإيرانية ومقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي استخدام مداحين لألفاظ وشتائم نابية في مجالس العزاء لاستهداف أردستاني.
ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي
على الرغم من الهجوم العنيف، عبّر عدد من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي عن دعمهم لحرية التعبير والنقاش العقلاني:
• وصف بعض المستخدمين الهجمات بالعدائية المفرطة التي تجاوزت مجرد اختلاف فقهي أو تاريخي.
• أكدوا أن النقاش حول الروايات التاريخية يجب أن يكون حرًا وبعيدًا عن الشتائم والهجمات الشخصية.
• شددوا على أن التفكير العقلاني في الدين والمذهب كان دائمًا عاملًا لتطوير المجتمعات وحماية مصالح الناس على مر التاريخ.
انتقادات الإصلاحيين
امتدت الانتقادات إلى التيار الإصلاحي الإيراني:
• أشار محمد علي أبطحي، ناشط إصلاحي، إلى اعتراض الرئيس الأسبق محمد خاتمي على تصريحات أردستاني، متسائلًا عن توقيت استخدام هذه المواضيع واللغة في هذه الفترة الحساسة.
• أكد أبطحي أن أسلوب أردستاني قد يضر بالفكر الديني الجديد والهادئ، رغم أهمية النقاش الديني العقلاني في العادة.
• أشار حزب الشعبية الديمقراطية إلى أن أي إهانة أو اعتداء أو تكفير غير مقبول ويخالف حرية الرأي والتعبير، مؤكدًا أن تصريحات أردستاني “مخالفة صريحة لمبادئ ومعتقدات الشيعة”.
السياق التاريخي لتعامل النظام الإيراني مع منتقدي العقائد
تأتي هذه الحادثة في سياق تاريخي طويل لتعامل النظام الإيراني مع منتقدي الروايات الدينية والعقائدية:
• منذ أكثر من ثلاثة عقود، كان الروائي سلمان رشدي هدفًا لفتوى بالقتل من مؤسس النظام روح الله الخميني بسبب كتابه “الآيات الشيطانية”.
• عاش رشدي سنوات طويلة مخفيًا وتحت حماية أمنية، وتعرض في صيف 2022 لهجوم عنيف بسكين أثناء مؤتمر أدبي في نيويورك، أُصيب خلاله بجروح بالغة في الرأس والعين والذراعين والكبد والأمعاء.
تعكس قضية عبد الرحيم سليماني أردستاني حساسية المناقشات التاريخية والدينية في إيران، خصوصًا تلك المتعلقة بالشخصيات المؤسسة للمذهب الشيعي، وتسلط الضوء على سيطرة الخطاب الديني المتشدد الذي لا يتقبل أي مراجعة أو تشكيك. كما تبرز التحديات التي يواجهها منتقدو الروايات الدينية في الدفاع عن حرية الفكر والرأي في بيئة يسودها التزمت العقائدي.










