أثار برلمان جوبالاند في كيسمايو، يوم أمس، جدلا واسعا بعد أن أقر تعديلا دستوريا يحذف عبارة “ولاية اتحادية عضو” من دستور الإقليم، ويستبدلها بتعابير تؤكد السيادة الذاتية مثل “ولاية جوبالاند” أو “الحكومة”. وتعد هذه الخطوة تحديا مباشرا للسلطة الفيدرالية في مقديشو، وتفتح الباب أمام حكم ذاتي مماثل لما تنتهجه بونتلاند منذ عقود.
التفاصيل الرئيسية للتعديل
أكد رئيس برلمان جوبالاند، عبد الرشيد إبراهيم جنان (المعروف باسم “حاجي عدن”)، خلال الجلسة أن “لم يعد من الممكن وصف جوبالاند بأنها ‘ولاية عضو فيدرالية’؛ فهي الآن حكومة كاملة تتمتع بسيادتها الخاصة، المستمدة من إرادة شعبها”.
وقد أقر التعديل بالإجماع من قبل الجمعية الإقليمية المكونة من 75 عضوا، مستندا إلى المادة 3 من دستور جوبالاند المؤقت لعام 2013، التي تسمح بتعديل الدستور بما يتوافق مع “الواقع الإقليمي المتطور”.
الأساس القانوني والخلاف مع الحكومة الفيدرالية
تستند جوبالاند في موقفها إلى الدستور الفيدرالي المؤقت للصومال لعام 2012، الذي ينص على الفيدرالية كاتحاد طوعي للولايات (المادة 48). لكنها تعتبر أن تجاوزات الحكومة الفيدرالية في مجالات الانتخابات، والأمن، وتقاسم الموارد قد انتقصت من هذا المبدأ.
وبإسقاط وصف “الاتحادية”، تقدم جوبالاند نفسها كشريك متساو أو متحالف، وليس وحدة فرعية تابعة لمقديشو، ما يشكل تحديا صريحا للسلطة المركزية.
التوقيت والسياق السياسي
جاء التعديل بعد إعادة انتخاب الرئيس أحمد مادوبي لولاية ثالثة مثيرة للجدل في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، والتي اعتبرتها الحكومة الفيدرالية غير دستورية. كما يتزامن مع تعثر الإصلاحات الدستورية الفيدرالية المقترحة في مايو/أيار 2023، والتي حاولت مركزية السلطة وتعرضت لرفض واسع من الولايات الإقليمية.
جوبالاند، التي تأسست عام 2013 لمواجهة حركة الشباب وتعزيز الاستقرار العشائري في جنوب الصومال، شهدت تصاعدا في التوترات مع مقديشو منذ 2023. شملت هذه التوترات:
النزاعات الانتخابية: في نوفمبر 2025، شكل مادوبي لجنة انتخابية مستقلة استنادا إلى دستور جوبالاند، متجاوزا الرقابة الفيدرالية.
مواجهات أمنية: شهد أغسطس 2025 مناوشات بين قوات جوبالاند وقوات الحكومة في مناطق مثل تولو أمين، حيث ادعى الطرفان السيطرة على المناطق.
إعادة فتح نقاش الفيدرالية والصلاحيات الإقليمية
يحث دستور الصومال لعام 2012 على نظام لامركزي لتجنب المركزية الاستبدادية، لكن التنفيذ كان متفاوتا. تحاكي خطوة جوبالاند الحكم الذاتي طويل الأمد لبونتلاند، وقد تلهم ولايات أخرى مثل غالمودوغ أو هيرشابيل للتحرك نحو نماذج كونفدرالية مماثلة.
يشير المحللون إلى أن التعديل لا يعلن استقلالا تاما، لكنه يمنح جوبالاند قدرة أكبر على إدارة علاقاتها الخارجية والتجارية وأمنها بشكل مستقل، بما في ذلك إدارة عائدات ميناء كيسمايو.
ردود الفعل المحلية والدولية
تباينت ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر بعض المعلقين الخطوة “نقطة تحول” تزيل هيمنة المركز على الأطراف، بينما وصفها آخرون بأنها “خيانة للاتحاد الفيدرالي”.
تتابع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والاتحاد الأفريقي التطورات عن كثب، محذرة من أن التصعيد قد يؤدي إلى تفكك أكبر للصومال، وتحث على الوساطة لحل النزاع سلميا.









