في خطوة استباقية لقطع الطريق على الشائعات والأخبار المضللة، أصدرت جبهة تحرير أزواد بيانًا حاسمًا تنفي فيه بشكل قاطع وجازم كل ما تم تداوله خلال الساعات والأيام الماضية حول انضمامها إلى الائتلاف السياسي المعارض الجديد الذي أعلن عنه الإمام محمود ديكو في مالي، أو إلى أي تحالف أو تشكيل معارض آخر داخل الساحة السياسية المالية.
نفي قاطع من قيادة الجبهة
كشف مصدر رفيع المستوى في الهرم القيادي لجبهة تحرير أزواد، فضّل عدم الكشف عن هويته، أن “هذه الأنباء التي انتشرت على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، عارية تمامًا من الصحة، ولا تستند إلى أي أساس واقعي أو معلومات موثوقة”.
وأضاف المصدر في تصريحات خاصة لموقع المنشر الاخباري اخباري : “جبهة تحرير أزواد لم تجرِ أي مفاوضات أو مشاورات في هذا الشأن مع أي طرف سياسي، سواء كان الإمام محمود ديكو أو أي جهة معارضة أخرى، ولم تبدِ أي استعداد أو نية للانضمام إلى أي تحالفات أو اصطفافات سياسية لا تتوافق مع رؤيتها وأهدافها الاستراتيجية”.
صراع الشرعية في مالي: “الإمام ديكو” يعود لقيادة “مقاومة سرية” ضد الحكم العسكري
التزام بالمسار المستقل
وشدد المصدر القيادي على أن “جبهة أزواد ظلت على مدار تاريخها النضالي الطويل، وستظل ملتزمة بمسارها السياسي والنضالي المستقل الذي يخدم في المقام الأول مصلحة شعب أزواد العليا وتطلعاته المشروعة، بعيدًا عن أي اصطفافات حزبية ضيقة أو تحالفات سياسية عابرة لا تتماشى مع الثوابت والأهداف الاستراتيجية للجبهة”.
وأوضح أن الجبهة “تمتلك رؤية واضحة ومحددة لمستقبل إقليم أزواد وشعبه، وهي رؤية تنطلق من خصوصية القضية الأزوادية وتعقيداتها التاريخية والسياسية والاجتماعية، وبالتالي فإن أي خطوة سياسية تقدم عليها الجبهة تكون محسوبة بدقة وتخدم هذا المسار الاستراتيجي”.
“مرشد للأمة” في مالي: خطة ديكو تثير الجدل وتقترح نموذجا شبيها بإيران
يذكر أن عدة منصات إخبارية ووسائل إعلام محلية ودولية كانت قد تناقلت خلال اليومين الماضيين أنباء غير مؤكدة ولم تستند إلى مصادر موثوقة، تفيد بانضمام جبهة تحرير أزواد إلى الائتلاف المعارض الجديد الذي شكله الإمام محمود ديكو، الزعيم الديني والسياسي المؤثر في مالي.
وقد انتشرت هذه الأخبار بسرعة كبيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك وتويتر، مما دفع الجبهة إلى إصدار هذا النفي الحاسم والسريع لوقف موجة الشائعات وتصحيح المعلومات المغلوطة التي تضر بمصداقية الجبهة ومواقفها السياسية.
خطف مواطنين إماراتي وإيراني في مالي: “جبهة تحرير أزواد”تشف تفاصيل جديدة
من هي جبهة تحرير أزواد؟
جبهة تحرير أزواد هي حركة سياسية وعسكرية تأسست عام 2011، وتسعى لتحقيق الاستقلال أو الحكم الذاتي لإقليم أزواد شمال مالي.
وقد خاضت الجبهة صراعًا مسلحًا ضد الحكومة المالية في عام 2012، واستطاعت السيطرة على مساحات واسعة من شمال مالي قبل أن تتدخل القوات الفرنسية والأفريقية.
رصد ظهور ابو حذيفة القيادي بداعش الصحراء الكبرى في مناطق حدودية بالنيجر
وقد وقعت الجبهة على اتفاق السلام في الجزائر عام 2015 مع الحكومة المالية، لكن تنفيذ بنود الاتفاق واجه العديد من العراقيل والتحديات على أرض الواقع.
وتعتبر الجبهة نفسها ممثلة لشعب أزواد الذي يتكون من قبائل الطوارق والعرب والفولاني وغيرهم من المكونات الإثنية.ائتلاف الإمام محمود ديكوالإمام محمود ديكو هو زعيم ديني وسياسي بارز في مالي، ويتمتع بنفوذ كبير في الأوساط الإسلامية والشعبية.
وقد أعلن مؤخرًا عن تشكيل ائتلاف سياسي معارض يضم عدة أحزاب وحركات سياسية تعارض السياسات الحالية للحكومة الانتقالية في باماكو.
مالي تشهد أكبر هجوم إرهابي منذ سنوات: جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تستهدف باماكو
ويهدف هذا الائتلاف، وفق تصريحات ديكو، إلى “إعادة الديمقراطية إلى مالي، ووضع حد للأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات”.
ويضم الائتلاف شخصيات سياسية وحزبية من مختلف مناطق مالي، لكنه يفتقد حتى الآن إلى تمثيل واسع من المكونات الشمالية، خاصة الحركات الأزوادية.
لماذا نفت جبهة تحرير أزواد الانضمام للتحالف؟
ويرى محللون سياسيون أن نفي جبهة تحرير أزواد لانضمامها إلى ائتلاف ديكو يعكس حرص الجبهة على الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي وعدم الانخراط في صراعات سياسية داخلية مالية قد تضعف موقفها التفاوضي مع الحكومة المركزية.
وأشار الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور عبد الرحمن كونتي، إلى أن “القضية الأزوادية تمتلك خصوصية تاريخية وسياسية تجعلها مختلفة عن الصراعات السياسية الحزبية في مالي، وبالتالي فإن انخراط الجبهة في تحالفات معارضة قد يفقدها جزءًا من شرعيتها الدولية كحركة تحرر وطني”.
قبائل الفولاني والطوارق في قلب المعركة: 5 سيناريوهات لمستقبل نصرة الإسلام والمسلمين وداعش في الساحل
ومن جهة أخرى، يعتقد مراقبون أن هذا النفي قد يكون أيضًا رسالة إلى المجتمع الدولي والوسطاء الإقليميين بأن الجبهة ما زالت ملتزمة بالحل السلمي القائم على اتفاق الجزائر، رغم التعثر الكبير في تنفيذ بنوده.
وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من ائتلاف الإمام محمود ديكو على نفي جبهة أزواد.
كما لم تصدر الحكومة المالية الانتقالية أي بيان حول هذا الموضوع، في حين واصلت بعض وسائل الإعلام المحلية نشر تحليلات وتعليقات حول الموضوع.
وعبّر ناشطون أزواديون على وسائل التواصل الاجتماعي عن ارتياحهم لهذا النفي، مؤكدين أن “استقلالية القرار السياسي للجبهة هي خط أحمر لا يمكن المساومة عليه”، فيما انتقد آخرون ما وصفوه بـ”العزلة السياسية” التي تفرضها الجبهة على نفسها.









