«هل خطف تركي آل الشيخ حمزة نمرة من الجمهور المصري؟ لغز الدرعية يشعل معركة الهوية الفنية»
الأزمة بين تركي آل الشيخ وحمزة نمرة تحولت خلال ساعات من إشادة جماهيرية بنجاح حفل موسم الرياض إلى نقاش محتدم على مواقع التواصل حول هوية المطرب وجذوره، بعد كشف المستشار السعودي عن أن نمرة من مواليد الدرعية في المملكة، في معلومة اعتبرها كثيرون «مفاجأة سياسية» أكثر منها مجرد تفاصيل شخصية.
وبينما يشيد آل الشيخ علناً بفن نمرة ويدعمه في حفلات الرياض، يرى قطاع من الجمهور أن طريقة طرح مسألة الميلاد والأصول تحمل أبعاداً تتجاوز الفن لتلامس حساسية الانتماء والجنسية في مصر والسعودية معاً.
خلفية الأزمة وكيف بدأت؟
القصة انطلقت بعد الحفل الناجح الذي أحياه حمزة نمرة على مسرح أبو بكر سالم ضمن فعاليات موسم الرياض، حيث قدّم باقة من أشهر أعماله وسط تفاعل لافت من الجمهور السعودي والعربي.
هذا النجاح لم يكن عادياً في ضوء التاريخ القريب للمطرب، الذي عاش سنوات من المنع أو التضييق على حفلاته في مصر، قبل أن يتحول إلى أحد نجوم الحفلات الكبرى في السعودية.
بعد الحفل بساعات، نشر تركي آل الشيخ منشوراً على حسابه الشخصي عبّر فيه عن حبه لأغاني حمزة نمرة، ثم كشف أن الأخير من مواليد الدرعية في الثمانينيات، وهي عاصمة الدولة السعودية الأولى، مؤكداً أن «أشياء كثيرة تجمعهما».
هنا انتقلت القصة من مربع الاحتفاء الفني إلى ساحة الجدل، بعدما تلقى الجمهور المعلومة باعتبارها «إعلاناً ضمنياً» عن جذور سعودية لفنان لطالما عُرف في الوعي العام كمطرب مصري الهوية والرسالة.
تفاعل الجمهور ومواقع التواصل
منشور آل الشيخ أثار سيلاً من التعليقات والتفسيرات؛ جزء من المتابعين تعامل مع الأمر كفخر سعودي بكون أحد أهم الأصوات العربية المعاصرة مولوداً على أرض المملكة، ورأوا في التصريح تعزيزاً لجسور الفن المشترك بين البلدين.
في المقابل، اعتبر قطاع من الجمهور المصري أن التركيز على منشأ حمزة نمرة محاولة «استحواذ معنوي» على فنان ارتبط اسمه بثورة يناير وبالوجدان المصري، خصوصاً في ظل حساسيات سياسية قديمة حول منعه من الغناء في بلده لفترات.
محتوى صفحات إخبارية وحسابات رقمية على فيسبوك و«إكس» أعاد صياغة تصريح آل الشيخ بعناوين من قبيل «حمزة نمرة سعودي» و«ابن السعودية ومولود فيها»، ما زاد من حدة الاشتباك الإلكتروني وفتح باب الأسئلة حول جنسيته الرسمية وانتمائه الثقافي.
كما استُخدمت مقاطع قديمة من تصريحات حمزة، يؤكد فيها أنه مصري ابن مصريين، للتأكيد على أن محل الميلاد لا يغيّر من هوية الفنان وانتمائه.
حمزة نمرة بين المنع والاحتفاء
اللافت في هذه الأزمة أن اسم حمزة نمرة كان قد ارتبط في السنوات الماضية بملف المنع من الحفلات في مصر، حيث تردد كثيراً أنه غير مسموح له بإقامة عروض جماهيرية واسعة داخل بلده، بينما فُتحت أمامه أبواب المسارح الكبرى في السعودية.
هذا التناقض بين «ممنوع هنا» و«نجم هناك» يضفي بعداً إضافياً على منشور تركي آل الشيخ، إذ يرى البعض أنه يحمل رسالة بأن المملكة باتت حاضنة لفنانين طالما واجهوا تضييقاً في أماكن أخرى.
في الوقت ذاته، استثمر موسم الرياض في حالة نمرة كصوت مختلف يمزج بين الغناء السياسي والاجتماعي والرومانسية الهادئة، ما جعله قادراً على جذب شرائح واسعة من الشباب والعائلات على حد سواء.
وأكدت تغطيات صحفية أن تفاعل الجمهور مع أغاني مثل «إسكندرية» و«بلدي» كان لافتاً، بما يعكس أن الحس المصري في أعماله لا يتعارض مع حضور قوي له في الخليج، بل ربما يعززه.
أبعاد الهوية والجنسية في الأزمة
جوهر الجدل لا يتوقف عند حقيقة أن حمزة نمرة ولد في الدرعية، وهي معلومة وثّقتها عدة مواقع إخبارية نقلاً عن تصريح آل الشيخ، بل في طريقة توظيفها رمزياً في سياق إقليمي حساس.
فمحل الميلاد يمكن أن يكون مجرد تفصيلة سيرة ذاتية، لكن ربطه بعاصمة الدولة السعودية الأولى وإبرازه في لحظة صعود نمرة في الرياض جعل كثيرين يقرأون الرسالة على أنها «تسييس ناعم» لصورة فنان محبوب.
في المقابل، أعاد الجدل تذكير الجمهور بأن نمرة ظل يقدّم نفسه كفنان عربي تعنيه قضايا الناس أكثر من التخندق خلف علم واحد، وأن نجاحه في السعودية أو غيرها يرتبط بمشروع فني يتجاوز الحدود لا بمجرد «جنسية فنية» جديدة.
لذلك انقسمت التعليقات بين من يرى في تصريح آل الشيخ احتفاءً طبيعياً بمولد فنان على أرض المملكة، ومن يراه محاولة لإعادة صياغة رواية انتمائه بما يخدم سردية سياسية وإعلامية بعينها.
مستقبل العلاقة بين الطرفين
حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن الأزمة أخذت بعداً صدامياً مباشراً بين تركي آل الشيخ وحمزة نمرة، بل تبدو أقرب إلى عاصفة سوشيال تجتاح الفضاء الرقمي كلما التقت السياسة بالهوية والفن في لحظة واحدة.
استمرار نمرة في إحياء حفلات ناجحة ضمن موسم الرياض، مع بقاء منشور آل الشيخ دون تراجع أو توضيحات إضافية، يوحي بأن الطرفين مستفيدان من الزخم، ولو بدرجات مختلفة.
مع ذلك، يظل السؤال مفتوحاً حول تأثير هذه الضجة على صورة حمزة نمرة لدى جمهوره المصري والعربي: هل ستُقرأ كمجرّد تفصيلة في سيرته الشخصية، أم ستُحمَّل بأبعاد تنافس ناعم بين عواصم المنطقة على امتلاك رموز القوة الناعمة؟
الإجابة النهائية ستتضح مع الحفلات القادمة، ومع الطريقة التي سيختار بها نمرة إدارة هويته الفنية بين «ابن مصر» و«مولود الدرعية» في خطاب واحد لا يستفزّ جمهوراً ولا يفرّط في آخر.









