أثار تعيين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمساعده العسكري المقرب، اللواء رومان غوفمان، رئيسًا جديدًا لجهاز الموساد، موجة من الغضب والجدل داخل إسرائيل، وسط تحذيرات من مخاطر على أداء الجهاز الأكثر حساسية في الأمن القومي الإسرائيلي.
ويأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه المؤسسة الأمنية انقسامات داخلية، حيث يشكك كثير من كبار ضباط الموساد في خبرة غوفمان الاستخبارية وكفاءته الدولية، معتبرين تعيينه خطوة سياسية بحتة تعتمد على الولاء الشخصي أكثر من الكفاءة المهنية.
في هذا التقرير، نقدم لكم ملفًا متكاملاً عن اللواء رومان غوفمان، وأسباب الجدل المثار حول تعيينه، وتوقيت توليه المنصب المرتقب في يونيو 2026
حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس الماضى عن اختيار اللواء رومان غوفمان، مساعده العسكري المقرب، ليشغل منصب رئيس جهاز الموساد، خلفًا لدافيد بارنيع، الذي سينهي فترة ولايته في يونيو 2026. ويُعد غوفمان شخصية خارج جهاز الموساد، وقد تم اختياره على الرغم من وجود مرشحين آخرين اقترحهم بارنيع، وهو ما أثار جدلًا واسعًا داخل المؤسسة الأمنية.
وتم تقديم تعيين غوفمان إلى اللجنة الاستشارية للتعيينات العليا للمراجعة، ومن المتوقع أن يمر دون معارضة كبيرة، على عكس تعيين الجنرال السابق دافيد زيني لرئاسة جهاز الشاباك، الذي واجه أسابيع من الطعون القضائية قبل أن يتسلم منصبه في أكتوبر الماضي.
اللواء رومان غوفمان (Roman Gofman)
من هو رومان غوفمان؟
هو ضابط إسرائيلي في سلاح المدرعات وليس من داخل جهاز الموساد، شغل سابقًا منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ويُعتبر من أكثر الشخصيات قربًا منه خلال فترة الحرب الأخيرة، ما جعله يحظى بثقة نتنياهو الشخصية.
السيرة الذاتية لغوفمان
ولد رومان غوفمان في بيلاروسيا، وانتقل إلى إسرائيل عام 1990 مع أسرته عن عمر 14 عامًا. بدأ مسيرته العسكرية في سلاح المدرعات بالجيش الإسرائيلي، وتدرج في المناصب حتى أصبح قائدًا للفرق والكتائب، ثم انتقل لاحقًا إلى مهام غير قتالية.
وصف مكتب نتنياهو غوفمان بأنه “ضابط متميز للغاية”، مشيرًا إلى أن عمله كسكرتير عسكري لرئيس الوزراء أثناء الحرب أثبت قدراته الاستثنائية، من سرعة التأقلم مع المهام إلى مشاركته الفعّالة في جميع مجالات العمليات العسكرية السبع. وأضاف المكتب أن غوفمان حافظ على تنسيق مستمر مع جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، خصوصًا الموساد، وأشاد بإبداعه ومبادرته ومعرفته العميقة بالعدو، إلى جانب التزامه التام بالسرية والانضباط.
مسيرته العسكرية
• في 1995، التحق بسلاح المدرعات، ثم أصبح قائد دبابة في اللواء المدرع 188.
• في 2011، قاد كتيبة اللواء المدرع السابع 75، ثم عمل ضابط عمليات للواء 36 عام 2013.
• في 2015، ترأس اللواء الإقليمي أتزّيون في الضفة الغربية خلال موجة كبيرة من الهجمات الإرهابية.
• في 2017، عاد إلى سلاح المدرعات ليتولى قيادة اللواء المدرع السابع، ثم رأس في 2020 اللواء الإقليمي بشان 210 على الحدود مع سوريا.
خلال تلك الفترة، أُثير جدل حول دوره في استخدام شاب إسرائيلي لنشر معلومات حساسة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أُوكل إليه نشر معلومات غير مصنفة سرية. احتُجز الشاب لمدة 18 شهرًا قبل إسقاط التهم عنه.
في أكتوبر 2023، وأثناء الهجوم الكبير لحماس على حدود غزة، أصيب غوفمان بجروح خطيرة أثناء القتال في مفترق شَعَر هانيغيف قرب سديروت، وتعافى لاحقًا ليواصل مهامه الأمنية.
خدمته في مكتب رئيس الوزراء
في 2024، عُيّن غوفمان سكرتيرًا عسكريًا لرئيس الوزراء، حيث شارك في تنفيذ توجيهات نتنياهو داخل الجيش، وقام بمهام متعددة نيابة عنه خلال الحرب الأخيرة. كما كتب وثيقة مثيرة للجدل تقترح استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة بعد هزيمة حماس، وهو موقف عبّر عنه على سبيل الرأي الشخصي، وفق ما أكد الجيش.
سياق التعيين وأبعاده
يأتي تعيين غوفمان ضمن سلسلة تعيينات عسكرية وأمنية رفيعة خارج الإطار التقليدي، على غرار دافيد زيني في الشاباك ويورام هاليفي في جهاز التنسيق والأنشطة الحكومية في الأراضي الفلسطينية (COGAT). ويُعتبر تعيين ضابط عسكري لرئاسة الموساد نادرًا، إلا أنه ليس الأول من نوعه، إذ سبق ذلك كل من مئير داغان وداني ياتوم.
وقد أكد نتنياهو أن غوفمان “الأكثر كفاءة والأكثر ملاءمة” لتولي منصب رئيس الموساد، مشيرًا إلى شجاعته وولائه، وتوقع أن يواصل تعزيز أمن إسرائيل بشكل أقوى في منصبه الجديد.
لماذا أثار تعيينه غضبًا داخل إسرائيل؟
ليس لديه أي خبرة استخبارية
غوفمان لم يعمل يومًا داخل الموساد أو في عمليات سرية، وليس ضابط مخابرات بالأساس، بل ضابط ميداني من الجيش.
حادثة تشغيل مرشد قاصر
أحد أبرز الملفات التي أعيد فتحها فور إعلان التعيين، هو تورّط غوفمان في تشغيل مرشد قاصر (17 عامًا) دون تفويض رسمي خلال خدمته في القيادة الشمالية، ما أدى إلى اعتقال القاصر لمدة عام ونصف بتهمة التجسس، قبل أن يتضح لاحقًا أن غوفمان هو من أرسله للمهمة.
هذه الحادثة، التي وُصفت بأنها “وصمة أمنية”، تُستخدم اليوم داخل إسرائيل للتشكيك في أهليته لقيادة أخطر جهاز استخبارات في البلاد.
لا يجيد اللغة الإنجليزية
تقارير إسرائيلية أكدت أن غوفمان لا يتحدث الإنجليزية إطلاقًا، وهو ما سيضطره — بحسب مصادر فى الموساد — إلى حضور الاجتماعات الدولية بمترجم، في سابقة تُعتبر محرجة لرئيس جهاز بحجم الموساد. — وهو أمر غير مسبوق لرئيس الموساد.
خبراء سابقون في الجهاز رأوا أن “عدم قدرته على التواصل المباشر مع رؤساء أجهزة استخبارات العالم” يمثّل خللًا جوهريًا في منصب يتطلب دقة وعلاقات دولية حساسة
يُنظر إليه كشخص “متهور” و“عديم الخبرة”
كبار ضباط الموساد وصفوه بأنه:
• “متسرع”
• “لا يفكر جيدًا قبل اتخاذ القرار”
• “مبالغ في الجدية”
• “صاحب شخصية صدامية”

يعتبره كثيرون تعيينًا سياسيًا بحتًا
الانتقادات تشير إلى أن نتنياهو اختاره بسبب الولاء الشخصي وليس بسبب الكفاءة، خاصة أنه سبق وعين دافيد زيني رئيسًا للشاباك من خارج المؤسسة أيضًا.
موعد توليه المنصب
من المقرر أن يتسلّم غوفمان منصبه في يونيو 2026، في توقيت حساس ليصبح ثاني رئيس للموساد يأتي من خارج صفوفه منذ تعيين مئير داغان قبل سنوات. ويأتي هذا التغيير في لحظة تواجه فيها إسرائيل تحديات إقليمية معقّدة، تزيد من حساسية اختيار قيادة الجهاز الاستخباراتي الأبرز
لماذا أصبح حديث إسرائيل؟
لأن الموساد يعتبر “أغلى ما تملك إسرائيل” في مجال الأمن والاستخبارات، وأي تغيير غير محسوب في قيادته يُعد “مغامرة خطيرة” حسب وصف خبراء إسرائيليين
الانتقادات لا تتوقف عند ماضي غوفمان، بل تتجاوزها إلى خلفيات القرار نفسه. فوفق تقارير إسرائيلية، يأتي التعيين ضمن سياسة أوسع لنتنياهو تهدف إلى إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية بأشخاص مخلصين له ولزوجته سارة.
السيدة نتنياهو كانت طرفًا في عدة ملفات تعيين حساسة سابقًا، وذكرت تقارير أن اللواء غوفمان التقى بها في حديث مطوّل قبل ترشيحه، ما أعاد إلى الواجهة اتهامات بتدخلها في تحديد هوية أصحاب المناصب الأمنية العليا.
وفي جلسة سابقة، كشف رئيس الموساد الأسبق مئير داغان أن سارة نتنياهو كانت “شريكة في كل شيء” داخل مكتب رئيس الوزراء، حتى في اجتماعات أمنية مغلقة
صدمة داخل الموساد واحتمالات لاستقالات كبرى
مصادر من داخل الجهاز حذّرت من موجة استقالات محتملة، خصوصًا بين الضباط الكبار الذين يرون أن “الولاء السياسي حلّ محل الخبرة المهنية”.
وأكد ضابط سابق في استخبارات الجيش “أمان” أن غوفمان “لم يكن يومًا جزءًا من عالم الاستخبارات، ولا يملك الخبرة أو الأدوات لقيادة عمليات سرية دولية معقّدة”










